أحسن ما قيل في ذلك ما قاله علي رضي الله عنه أمر بعينه فعصبت وأعطى رجلا بيضة فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره ثم أمر فخط عند ذلك ثم أمر بعينه فعصبت الأخرى وفتحت الصحيحة وأعطى رجلا بيضة فانطلق بها وهو يبصر حتى انتهى بصره ثم خط عند ذلك ثم حول إلى مكان آخر ففعل مثل ذلك فوجدوه سواء فأعطاه بقدر ما نقص من بصره من مال الآخر قال القاضي وإذا زعم أهل الطب أن بصره يقل إذا بعدت المسافة ويكثر إذا قربت وأمكن هذا في المزارعة عمل عليه وبيانه أنهم إذا قالوا إن الرجل إذا كان يبصر إلى مائة ذراع ثم أراد أن يبصر إلى مائتي ذراع احتاج للمائة الثانية إلى ضعفي ما يحتاج إليه للمائة الأولى من البصر فعلى هذا إذا أبصر بالصحيحة إلى مائتين وأبصر بالعليلة إلى مائة علمنا أنه قد نقص ثلثا بصر عينه فيجب له ثلثا ديتها وهذا لا يكاد ينضبط في الغالب وكل مالا ينضبط ففيه حكومة. وان جنى على عينيه فندرتا أو إذا حولتا أو أعمشتا ففي ذلك حكومة كما لو ضرب يده فاعوجت. والجناية على الصبي والمعتوه كالجناية على البالغ والعاقل وإنما يفترقان في أن البالغ خصم لنفسه والخصم للصبي والمجنون وليهما فإذا توجهت اليمين عليهما لم يحلفا ولم يحلف الولي عنهما فإن بلغ الصبي وأفاق المجنون حلفا حينئذ ومذهب الشافعي في هذا الفصل كله كمذهبنا
(٥٨٨)