قال فعفا القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لابره " متفق عليه وأجمع المسلمون على جريان القصاص فيما دون النفس إذا أمكن ولان ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص فكان كالنفس في وجوبه (فصل) ويشترط لوجوب القصاص في الجروح ثلاثة أشياء:
(أحدها) أن يكون عمدا محضا فأما الخطأ فلا قصاص فيه اجماعا ولان الخطأ لا يوجب القصاص في النفس وهي الأصل ففيما دونها أولى ولا يجب بعمد الخطأ وهو أن يقصد ضربه بما لا يفضي إلى ذلك غالبا مثل أن يضربه بحصاة لا يوضح مثلها فتوضحه فلا يجب به القصاص لأنه شبه العمد ولا يجب القصاص إلا بالعمد المحض وقال أبو بكر يجب به القصاص ولا يراعى فيه ذلك لعموم الآية (الثاني) التكافؤ بين الجارح والمجروح وهو أن يكون الجاني يقاد من المجني عليه لو قتله كالحر المسلم مع الحر المسلم فأما من لا يقتل بقتله فلا يقتص منه فيما دون النفس له كالمسلم مع الكافر والحر مع العبد والأب مع ابنه لأنه لا تأخذ نفسه بنفسه فلا يؤخذ طرفه بطرفه ولا يجرح بجرحه كالمسلم مع المستأمن.
(الثالث) امكان الاستيفاء من غير حيف ولا زيادة لأن الله تعالى قال (وأن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) وقال (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ولان دم الجاني