لها أجر المثل على وجهين وان كانت مطلقة وطلبت أجر المثل فأراد انتزاعه منها ليسلمه إلى من ترضعه بأجر المثل أو أكثر لم يكن له ذلك وان وجد متبرعة أو من ترضعه بدون أجر المثل فله انتزاعه منها في ظاهر المذهب لأنه لا يلزم التزام المؤنة مع دفع حاجة الولد بدونها وقال أبو حنيفة ان طلبت الاجر لم يلزم الأب بذلها ولا يسقط حقها من الحضانة وتأتي المرضعة ترضعه عندها لأنه أمكن الجمع بين الحقين فلم يجز الاخلال بأحدهما ولنا على الأول ما تقدم وعلى جواز الاستئجار أنه عقد إجارة يجوز من غير الزوج إذا أذن فيه فجاز مع الزوج كإجارة نفسها للخياطة أو الخدمة وقولهم ان المنافع مملوكة له غير صحيح فإنه لو ملك منفعة الحضانة لملك اجبارها عليها ولم تجز إجارة نفسها لغيره باذنه ولكانت الأجرة له وإنما امتنعت إجارة نفسها لأجنبي بغير إذنه لما فيه من تفويت الاستمتاع في بعض الأوقات ولهذا جازت باذنه وإذا استأجرها فقد أذن لها في إجارة نفسها فصح كما يصح من الأجنبي، وأما الدليل على وجوب تقديم الام إذا طلبت أجر مثلها على المتبرعة فقوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) وقوله سبحانه (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ولان الام أحنى وأشفق ولبنها امرأ من لبن غيرها فكانت أحق به من غيرها كما لو طلبت الأجنبية رضاعه بأجر مثلها ولان في رضاع غيرها تفويتا لحق الام من الحضانة واضرارا بالولد لا يجوز تفويت حق الحضانة الواجب والاضرار بالولد لغرض اسقاط حق أوجبه الله تعالى على الأب، وقول أبي حنيفة يفضي إلى تفويت حق الولد من لبن أمه وتفويت الام في ارضاعه لبنها فلم يجز ذلك كما لو تبرعت برضاعه فأما ان طلبت الام أكثر من أجر مثلها ووجد الأب من ترضعه بأجر مثلها أو متبرعة جاز انتزاعه منها لأنها أسقطت حقها باشتراطها وطلبها ما ليس لها فدخلت في عموم قوله (فسترضع له أخرى) وإن لم يجد مرضعة الا بمثل تلك الأجرة فالأم أحق لأنهما تساوتا في الاجر فكانت الام أحق كما لو طلبت كل واحدة منهما أجر مثلها (فصل) وان طلبت ذات الزوج الأجنبي ارضاع ولدها بأجرة مثلها باذن زوجها ثبت حقها وكانت أحق به من غيرها لأن الام إنما منعت من الارضاع لحق الزوج فإذا أذن فيه زال المانع فصارت كغير ذات الزوج وان منعها الزوج سقط حقها لتعذر وصولها إلى ذلك (فصل) وإن أرضعت المرأة ولدها وهي في حبال والده فاحتاجت إلى زيادة نفقة لزمه لقول الله تعالى (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ولأنها تستحق عليه قدر كفايتها فإذا زادت حاجتها زادت كفايتها والله أعلم
(٣١٣)