ما يتلف به ففيه وجهان (أحدهما) يبرأ لأن المالك لو أذن فيه ابتداء فيه ابتداء لم يضمن ما تلف به فإذا أبرأه من الضمان وأذن فيه زال عنه الضمان كما لو اقترن الاذن بالحفر (والآخر) لا ينتفي عنه الضمان لأنه سبب موجب للضمان فلا يزول حكمه بالابراء كسائر الأسباب، ولان حصول الضمان به لكونه تعدى بحفره والابراء لا يزيل ذلك، لأن ما مضى لا يمكن تغييره عن الصفة التي وقع عليها، ولان وجوب الضمان ليس بحق للمالك الابراء منه كما لو أبرأه غير المالك ولأنه ابراء مما لم يجب فلم يصح كالابراء من الشفعة قبل البيع.
(فصل) وان استأجر أجيرا فحفر في ملك غيره بغير اذنه وعلم الأجير ذلك فالضمان عليه وحده لأنه متعد بالحفر وليس له فعل ذلك بأجرة ولا غيرها فتعلق الضمان به كما لو أمره غيره بالقتل فقتل، وان لم يعلم فالضمان على المستأجر لأنه غره فتعلق الضمان به كالاثم وكذلك الحكم في البناء ونحوه، ولو استأجر أجيرا ليحفر له في ملكه بئرا أو ليبني له فيها بناء فتلف الأجير بذلك لم يضمنه المستأجر وبهذا قال عطاء والزهري وقتادة وأصحاب الرأي ويشبه مذهب الشافعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم " البئر جبار " ولأنه لم يتلفه وإنما فعل الأجير باختيار نفسه فعلا أفضى إلى تلفه فأشبه ما لو فعله تبرعا من عند نفسه إلا أن يكون الأجير عبدا استأجره بغير إذن سيده أو صبيا بغير إذن وليه فيضمنه لأنه متعد باستعماله متسبب إلى اتلاف حق غيره.