وجوب الدية في إحدى عينيه لا يجعل الأخرى عين أعور على أن وجوب الدية بقلع إحدى العينين قضية مخالفة للخبر والقياس صرنا إليها لاجماع الصحابة عليها ففيها عدا موضع الاجماع يجب العمل بهما والبقاء عليها فإن كان قلعهما عمدا فاختار القصاص فليس له الا قلع عينه لأنه أذهب بصرة كله فلم يكن له أكثر من اذهاب بصره وهذا مبني على ما تقدم من قضاء الحاجة، به ولان عين الأعور تقوم مقام العينين وأكثر أهل العلم على أن له القصاص من العين ونصف الدية للعين الأخرى وهو مقتضى الدليل والله أعلم.
(فصل) وإن قطع يد أقطع أو رجل أقطع الرجل فله نصف الدية أو القصاص من مثلها لأنه عضو أمكن القصاص من مثله فكان الواجب فيه القصاص أو دية مثله كما لو قطع أذن من له أذن واحدة.
وعن أحمد رواية أخرى أن الأولى إن كانت قطعت ظلما وأخذ ديتها أو قطعت قصاصا ففيها نصف ديتها وأن قطعت في سبيل الله ففي الباقية دية كاملة لأنه عطل منافعه من العضوين جملة فأشبه قلع عين الأعور والصحيح الأول لأن هذا أحد العضوين الذين تحصل بهما منفعة الجنس لا يقوم مقام العضوين فلم تجب فيه دية كاملة كسائر الأعضاء كما لو كانت الأولى أخذت قصاصا أو في غير سبيل الله ولا يصح القياس على عين الأعور لوجوه ثلاثة.
(أحدهما) أن عين الأعور حصل بها ما يحصل بالعينين ولم يختلفا في الحقيقة والأحكام إلا تفاوتا يسيرا بخلاف أقطع اليد والرجل (والثاني) أن عين الأعور لم يختلف الحكم فيها باختلاف صفة ذهاب الأولى وههنا اختلفا (الثالث) أن هذا التقدير والتعيين على هذا الوجه أمر لا يصار إليه بمجرد الرأي ولا توقيف