المعسر من وجوه أحدها أن قضاء الدين لا يجب مع الاعسار فلا يحبس بما لا يجب والقصاص ههنا واجب وإنما تعذر المستوفى (الثاني) أن المعسر إذا حبسناه تعذر الكسب لقضاء الدين فلا يفيد بل يضر من الجانبين وههنا الحق نفسه يفوت بالتخلية لا بالحبس (الثالث) أنه قد استحق قتله، وفيه تفويت نفسه ونفعه فإذا تعذر تفويت نفسه جاز تفويت نفعه لامكانه فإن قيل فلم يحبس من أجل الغائب وليس للحاكم عليه ولاية إذا كان مكلفا رشيدا ولذلك لو وجد بعض ماله مغصوبا لم يملك انتزاعه؟ قلنا لأن في القصاص حقا للميت وللحاكم عليه ولاية ولهذا تنفذ وصاياه من الدية وتقضى ديونه منها فنظيره أن يجد الحاكم من تركة الميت في يد انسان شيئا غصبا والوارث غائب فإنه يأخذه ولو كان القصاص في لحي طرفه لم يتعرض لمن هو عليه فإن أقام القاتل كفيلا بنفسه ليخلى سبيله لم يجز لأن الكفالة لا تصح في القصاص فإن فائدتها استيفاء الحق من الكفيل إن تعذر احضار المكفول به ولا يمكن استيفاؤه من غير القاتل فلم تصح الكفالة به كالحد ولان فيه تغريرا بحق المولى عليه فإنه ربما خلي سبيله فهرب فضاع الحق (فصل) فإن قتله بعض الأولياء بغير اذن الباقين لم يجب عليه قصاص وبهذا قال أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي والقول الأخير عليه القصاص لأنه ممنوع من قتله وبعضه غير مستحق له وقد يجب القصاص باتلاف بعض النفس بدليل ما لو اشترك الجماعة في قتل واحد ولنا انه مشارك في استحقاق القتل فلم يجب عليه القصاص كما لو كان مشاركا في ملك الجارية ووطئها ولأنه محل يملك بعضه فلم تجب العقوبة المقدرة باستيفائه كالأصل ويفارق إذا قتل الجماعة واحدا فانا
(٤٦١)