النكاح مما تدعو إليه الحاجة غالبا ويتضرر بفواته فأجبر عليه كالنفقة بخلاف الحلواء. إذا ثبت هذا فالسيد مخير بين تزويجه أو تمليكه أمة يتسراها وله أن يزوجه عند طلبه لأن هذا مما يختلف الناس فيه وفي الحاجة إليه ولا تعلم حاجته الا بطلبه ولا يجوز تزويجه إلا باختياره فإن اجبار العبد الكبير على النكاح غير جائز فأما الأمة فالسيد مخير بين تزويجها إذا طلبت ذلك وبين أن يستمتع بها فيغنيها باستمتاعه عن غيره لأن المقصود قضاء الحاجة وإزالة ضرر الشهوة وذلك يحصل بأحدهما فلم يتعين أحدهما.
(فصل) وإذا كان للعبد زوجة فعلى سيده تمكينه من الاستمتاع بها ليلا لأن اذنه في النكاح اذن في الاستمتاع المعتاد والعادة جارية بذلك ليلا وعليه نفقة زوجته على ما قدمنا (مسألة) قال (فإن امتنع أجبر على بيعه إذا طلب المملوك ذلك) وجملته أن السيد إذا امتنع مما يجب للعبد عليه من نفقة أو كسوة أو تزويج فطلب العبد البيع أجبر سيده عليه سواء كان امتناع السيد من ذلك لعجزه عنه أو مع قدرته عليه لأن بقاء ملكه عليه مع الاخلال بسد خلاته اضرار به وإزالة الضرر واجبة فوجبت إزالته ولذلك أبحنا للمرأة فسخ النكاح عند عجز زوجها عن الانفاق عليها قد روي في بعض الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " عبدك يقول أطعمني وإلا فبعني وامرأتك تقول أطعمني أو طلقني " وهذا يدل بمفهومه على أن السيد متى وفى بحقوق عبده فطلب العبد بيعه لم يجبر السيد عليه وقد نص عليه احمد: قال أبو داود قيل لأبي عبد الله رحمه الله استباعت المملوكة وهو يكسوها مما يلبس ويطعمها مما يأكل؟ قلنا لاتباع وإن كان أكثرت من ذلك الا أن تحتاج إلى زوج فتقول زوجني، وقال عطاء وإسحاق في العبد يحسن إليه سيده وهو يستبيع: لا يبعه لأن الملك للسيد والحق له فلا يجبر على إزانته من غير ضرر بالعبد كما لا يجبر على طلاق زوجته مع القيام بما يجب لها ولا على بيع بهيمته مع الانفاق عليها (مسألة) قال (وليس عليه نفقة مكاتبه الا أن يعجز) لا خلاف في أن المكاتب لا تلزم سيده نفقته لأن الكتابة عقد أوجب ملك المكاتب اكساب نفسه ومنافعه ومنع السيد من التصرف فيهما فلا يملك استخدامه ولا اجارته ولا اعارته ولا أخذ كسبه ولا أرش الجناية عليه ولا يلزمه أداء أرش جنايته فسقطت نفقته عنه كما لو باعه أو أعتقه فإذا عجز عاد رقيقا قنا وعاد إليه ملك نفعه واكسابه فعادت عليه نفقته كما لو اشتراه بعد بيعه