إنما وجب عند السراية وهي متأخرة عن قتل الآخر، وأما القطع فإن لنا إنه يستوفى منه مثل ما فعل فإنه يقطع له أولا ثم يقتل للذي قتله ويجب للأول نصف الدية ولان قلنا لا يستوفي القطع وجبت له الدية كاملة ولم يقطع طرفه ويحتمل أن يجب له القطع على كل حال لأن القطع إنما يدخل في العقل عند استيفاء القتل فإذا تعذر استيفاء القتل وجب استيفاء الطرف لوجوب مقتضيه وعدم المانع من استيفائه كما لو لم يسر، ولو كان قطع اليد لم يسر إلى النفس فإنه تقطع يده أولا ثم يقتل، وسواء تقدم القطع أو تأخر، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك يقتل ولا يقطع لأنه إذا قتل تلف الطرف فلا فائدة في القطع فأشبه ما لو كانا لواحد.
ولنا أنهما جنايتان على رجلين فلم يتداخلا كقطع يدي رجلين، وما ذكره من القياس غير صحيح لأنه قد قال لو قطع يد رجل ثم قتله يقصد المثلة به قطع وقتل ونحن نوافقه على هذا في رواية فقد حصل الاجماع منا ومنهم على انتفاء التداخل في الأصل فكيف نقيس عليه؟ ولكنه ينقلب دليلا عليه فنقول قطع وقتل فيستوفى منه مثل ما فعل كما لو فعله برجل واحد يقصد المثلة به ويثبت الحكم في محل النزاع بطريق التنبيه فإنه إذا لم يتداخل حق الواحد فحق الاثنين أولى ويبطل بهذا ما قاله من المعنى.
(فصل) وإن قطع أصبعا من يمين رجل ويمينا لآخر وكان قطع الإصبع أسبق قطعت أصبعه