عن مثل ذلك ثانيا. وإن كان الولي لا يحسن الاستيفاء أمره بالتوكيل فيه لأنه حقه فكان له التوكيل في استيفائه كسائر حقوقه فإن لم يجد من يوكله إلا بعوض أخذ العوض من بيت المال قال بعض أصحابنا يرزق من بيت المال رجل يستوفي الحدود والقصاص لأن هذا من المصالح العامة فإن لم يحصل ذلك فالأجرة على الجاني لأنها اجرة لايفاء الحق الذي عليه فكانت عليه كأجرة الكيال في بيع الكيل. ويحتمل أن تكون على المقتص لأنه وكيله فكانت الأجرة على موكله كسائر المواضع والذي على الجاني التمكين دون الفعل ولهذا لو أراد أن يقتص من نفسه لم يمكن منه ولأنه لو كانت عليه أجرة التوكيل للزمته أجرة الولي إذا استوفى بنفسه. وان قال الجاني أنا أقتص لك من نفسي لم يلزم تمكينه ولم يجز ذلك له لأن الله تعالى قال (ولا تقتلوا أنفسكم) ولان معنى القصاص أن يفعل به كما فعل ولان القصاص حق عليه لغيره فلم يجز أن يكون هو المستوفي له كالبائع لا يستوفي من نفسه (فصل) وإن كان القصاص لجماعة من الأولياء وتشاحوا في المتولي منهم للاستيفاء أمروا بتوكيل أحدهم أو واحد من غيرهم ولم يجز أن يتولاه جميعهم لما فيه من تعذيب الجاني وتعدد أفعالهم فإن لم يتفقوا على واحد وتشاحوا وكان كل واحد منهم يحسن الاستيفاء أقرع بينهم لأن الحقوق إذا تساوت وعدم الترجيح صرنا إلى القرعة كما لو تشاحوا في تزويج موليتهم فمن خرجت له القرعة أمر الباقون بتوكيله ولا يجوز له الاستيفاء بغير اذنهم لأن الحق لهم فلا يجوز استيفاؤه بغير اذنهم.
وان لم يتفقوا على توكيل واحد منعوا الاستيفاء حتى يوكلوا