وتدل على ذلك صحيحة سليمان بن خالد المتقدمة كما عرفت، وثانيا: ان فتوى المشهور بظاهر الروايات المتقدمة لا تدل بوجه على أن اعراضهم عن الصحاح المذكورة وعدم عملهم بها، انما هو من جهة اطلاعهم على وجود خلل فيها سندا أو جهة أو دلالة، بل من المحتمل قويا ان يكون ذلك من ناحية ترجيح تلك الروايات على الصحاح المزبورة في مقام علاج مشكلة التعارض بينهما.
هذا إضافة: إلى أن الأصحاب لم يكونوا معرضين عنها جزما وذلك لأن روايات الباب تصنف إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى: تقول: ان عملية الاحياء سبب لتملك المحيي للأرض - وهي عدة روايات قد مرت بنا -.
المجموعة الثانية: على صنفين:
أحدهما: يقول: إن علاقة الفرد عن ارضه تنقطع بعد خرابها أو بعد قيام غيره باحيائها - وهو صحيحة الكابلي وصحيحة معاوية المتقدمتان - والاخر: يقول: إنها لا تنقطع بذلك - وهو صحيحة سليمان التي مرت آنفا -.
وقد نسب إلى الأصحاب انهم جمعوا بين هذين الصنفين بحمل الصنف الأول على ما إذا كان سبب ملكية الأرض الاحياء، والصنف الثاني على ما إذا كان غيره كالشراء أو الإرث أو نحو ذلك، وبالرغم من هذا فكيف يمكن ان ينسب إليهم الاعراض عن هذه المجموعة.
وثالثا: ان سقوط الرواية عن الاعتبار من ناحية اعراض المشهور عنها محل اشكال، بل منع، فان الرواية إذا توفرت فيها شرائط الحجية والاعتبار كانت مشمولة لأدلة الاعتبار فتكون حجة، ولا اثر لاعراض المشهور عنها أصلا الا إذا افترض حصول الاطمئنان بوجود