الشهادة، بل إن جميع الأخبار الواردة في كتاب الشهادات ناظرة إلى الحكم الوضعي، وهو القبول وعدم القبول.
وأشكل المانعون أيضا بأن الشهادة لو كانت مقبولة ينبغي وجوبها عينا مع عدم الغير وإلا كفاية، فما معنى الكراهة؟ وأجيب بأنه حيث يكون الشهادة واجبة عليه كفاية يكره عليه المبادرة بالقيام بها، لأجل احتمال التهمة.
وفي الرياض عن خاله الوحيد حمل الشهادة فيه على (الاشهاد) فيكره اشهاد الأجير. وهو كما ترى، ومن هنا لم يرتضه صاحب الرياض.
وكيف كان فالأولى ترك الاستدلال بهذا الخبر إن لم تكن الكراهة فيه كناية عن عدم القبول، إذ في الأخبار الأخرى للقولين غنى وكفاية، فيدل على القبول العمومات الاطلاقات ويدل على المنع أخبار.
ووجه الاستدلال بخبر صفوان المزبور هو ظهوره في المنع من جهة تقرير الإمام عليه السلام لما دل عليه السؤال من كون عدم القبول قبل المفارقة مفروغا عنه، ومن جهة تشبيه الإمام عليه السلام الأجير قبل المفارقة بالعبد قبل الانعتاق، فالانصاف تمامية دلالة هذه الصحيحة على المنع خلافا للمستند.
والنسبة بين هذه الصحيحة المختصة بالعادل حيث صرح فيها بالقبول بعد المفارقة وبين ما دل على القبول هي العموم والخصوص المطلق، فتقدم عليها ويحكم بعدم القبول، فالأقوى عدم القبول وإن كان ذلك مخالفا لاطباق المتأخرين كما قيل، والله العالم.
وبما ذكرنا يظهر أنه لا وجه للتوقف في المسألة كما عن الدروس حيث نقل فيه الخلاف فيها مقتصرا عليه من دون ترجيح، وعن الرياض حيث قال:
المسألة عند العبد محل توقف.
ثم إن صاحب الرياض قال: (إلا أن مقتضى الأصول حينئذ عدم القبول)