ومن قال لغيره يا فاسق، أو يا خائن، أو يا سارق، أو يا شارب خمرا، أو شيئا من أسباب الفسق، وهو على ظاهر العدالة، لم يكن عليه حد القاذف، وكان عليه التعزير.
وإذا قال له أنت ولد حرام، فهو كقوله أنت ولد زنا، وقد قدمنا (1) أحكام ذلك فلا وجه لإعادته، إذ لا فرق بينهما في العرف وعادة الناس وما يريدونه بذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا قال له أنت ولد حرام، أو حملت بك أمك في حيضها، لم يكن عليه حد الفرية، وكان عليه التعزير (2).
وما ذهبنا إليه هو الظاهر في الاستعمال، والمتعارف في هذه اللفظة، فأما ما ذكره من قوله حملت بك أمك في حيضها، فلا يجب به حد القذف، بل فيه التعزير.
وشاهد الزور يجب عليه التعزير بما دون الحد، وينبغي للسلطان أن يشهره في المصر، ليعرفه الناس، فلا يسمع منه قول، ولا يلتفت إليه في شهادة، ويحذره المسلمون.
وقول القائل للمسلم أنت خسيس، أو وضيع، أو رقيع، أو نذل، أو ساقط، أو بخيل، أو نجس، أو كلب، أو خنزير، أو حمار، أو ثور، أو مسخ، وما أشبه ذلك، يوجب التعزير والتأديب، وليس فيه حد محدود، فإن كان المقول له بذلك مستحقا للاستخفاف، لضلاله عن الحق، لم يجب على القائل له تأديب، وكان باستخفافه به مأجورا.
وقد قلنا إن من قال لغيره يا فاسق وهو على ظاهر الإسلام والعدالة، وجب عليه التعزير، فإن قال له ذلك وهو على ظاهر الفسق، فقد صدق عليه، وأجر في الاستخفاف به والإهانة.
فإن قال له يا كافر وهو على ظاهر الإيمان، ضرب ضربا وجيعا تعزيرا له بخطابه على ما قال، فإن كان المقول له جاحدا لفريضة عامة من فرائض الإسلام،