الذي لا تعدد فيه بوجه من الوجوه فاعلا لشيء وقابلا له لكان فيه قبل الفعل والقبول جهتان جهة بها يوجبه ويقتضيه وجهة أخرى بها يستحقه ويمكن حصوله فيه.
أقول: العمدة في هذا المقام إثبات تكثر الجهة سواء كان في نفس القبول والفعل أو قبلهما.
فالكلام في تعدد جهة يحصل منها الإيجاب وجهة يحصل منها الاستحقاق ووحدتهما بعينه كالكلام في تعدد جهتي الفعل والقبول ووحدتهما بلا تفاوت لو تم تم وإلا فلا.
وقد استدلوا لإثبات هذه الدعوى بوجوه أخرى تجري مجرى ما ذكرناه فلهذا تركناها في سنبلها وعشونا عن سلك سبيلها.
والحاصل أن شيئا مما ذكروه في هذا الباب لا يسمن ولا يغني كما لا يخفى على ذوي الألباب.
فالوجه عندي أن يستدل لإثبات عينية صفاته الحقيقية لذاته بوجوه أخر.
الأول أنها لو لم يكن كذلك يلزم التكثر في ذاته تعالى لأجل كثرة صفاته الموجبة لكثرة الاقتضاء المستدعية لكثرة المقتضي كما تبين في نفي صدور الكثرة عنه تعالى مع أنه أحدي الذات بسيط الحقيقة هذا خلف وأما كون إحدى من الصفات الحقيقية زائدة عليه تعالى والبواقي منها عينا له تعالى أولها كما في الإضافيات على ما سيجيء من التحقيق فيها فبعيد عن العقل ولهذا لم يقل به أحد من العقلاء.
الثاني أنها لو كانت زائدة على ذاته يلزم من ذلك أن يكون كماله بأمر زائد عليه فيلزم كونه ناقصا بحسب ذاته بذاته كاملا بغير ذاته.
الثالث أن فيضانها من ذاته على ذاته يستدعي جهة أشرف مما عليها واجب الوجود بالذات فيكون ذاته أشرف من ذاته وهو محال بديهة.
وأيضا يتكثر ذاته لأن حيثية النقص غير حيثية الكمال وهو باطل كما مر. وفيضانها من غيره عليه تعالى يلزم كون معلوله أشرف منه تعالى.