على الأنواع المندرجة تحته لذاته لا لعلة كما هو مقتضى الذاتيات من أنها لا يعلل هو معنى الجوهر على الوجه المذكور ولا شك أن حمل هذا المعنى على الأنواع التي يندرج تحته إنما يكون لذواتها لا لعلة.
وأما حمل كونها موجودة بالفعل الذي هو جزء من كونها موجودة بالفعل لا في موضوع عليها فلا محالة يكون بسبب وعلة لأن حقائقها إمكانية.
وإذا لم يكن حمل الموجود بالفعل على ما تحتها من الأجناس العوالي إلا بسبب لا كحمل الجنس الذي لا يعلل فلم يصر بإضافة معنى سلبي إليه جنسا لشيء وإلا لصار بإضافة معنى إيجابي إليه جنسا للأعراض بل هذا أولى.
ومن طريقة أخرى نقول: الجنس إنما يحمل على ما تحته بالتواطؤ وذلك المعنى أي: الموجود بالفعل لا في موضوع يحمل على ما تحته بالتشكيك فإن حمله على الهيولى والصورة أقدم من حمله على الجسم وحمله على الأبوين أقدم من حمله على الابن وكذا يختلف على جواهر العالم الأعلى وعلى جواهر عالمنا الأدنى فإن جواهر ذلك العالم أقدم وأقوم بحسب الوجود بالفعل من جواهر هذا العالم بل هذه أظلال وأشباح لها كما صرح به الأقدمون.
وأما حقيقة الجوهر فإن المتقدم من أفرادها بالوجود ليس هو سببا لأن يصير المتأخر بحيث يحمل عليه معنى الجوهرية فإن الجوهر جوهر بحسب ذاته لا بجعل جاعل وجوهرية شيء ليست بسبب أمر يحمل عليه الجوهر لكنه في وجوده يحتاج إلى أسباب وعلل. ولا جوهرية شيء في أنها جوهرية علة لجوهرية شيء آخر فالجوهر العلي أخلق وأولى بالوجود من الجوهر المعلولي لا بأن يكون جوهرا لأن التقدم والتأخر إذا أضيف إلى شيئين فقد يكون بذاتيهما كتقدم وجود على وجود كوجود العلة على وجود المعلول وقد يكون التقدم والتأخر الذي نسب إلى شيئين باعتبار أمر ثالث كتقدم نوح على نبينا (ع) وتقدم شخص الأب على الابن لا في الإنسانية فإنها في الجميع بالسواء بل في الزمان والوجود وكل منهما معنى زائد على نفس الماهية. فالوجود متقدم على الوجود بالطبع لا بأمر زائد.
وأما الجوهرية فهي بالسواء