أنه ليس مثلك فهو علم بنفي المماثلة كعلمك بأن زيدا ليس بصانع ولا نجار فليس علما بصنعة بل هو علم بنفي شيء عنه وعلمك بإرادته وقدرته وحكمته يرجع كله إلى علمه بنفسه أو بغيره وعلمك بأنه عالم بنفسه من لوازم ذاته لا بحقيقة ذاته الذي هو الوجود المحض بلا ماهية انتهى كلامه بألفاظه.
أقول: إنه مبني أيضا على ما استقر عليه رأيهم من نفي المشاهدة الحضورية لشيء من الأشياء إلا بالنسبة إلى ذاته وصفاته وإنه لا يمكن أن يعلم ما سواه من الوجودات العينية المباينة إلا بالارتسام والتمثيل دون المشاهدة والحضور وهو ليس بصواب بل التحقيق ما عليه الإشراقيون وأتباعهم من إثبات العلم الحضوري وسيأتي إثباته في الكتاب.
فلقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يعرف كنه الواجب بالمشاهدة الحضورية ولا حاجة فيها إلى المقايسة بالشاهد حيث يكون المعلوم مشاهدا بنفسه فالأولى أن يستدل بما قلناه من أن معلومية شيء لشيء بالكنه مستلزم لمعلوليته له وهي منتفية في حق الواجب تعالى.
وهذا قريب مما قاله بعض المحققين من العرفاء من: أن العلم بكنه حقيقة الشيء لا يحصل إلا لنفس ذلك الشيء أو لعلته فإن حصول الشيء لنفسه وحصوله لعلته مستلزم للعلم بالكنه وما عدا هذين الحصولين من حصول العلة للمعلول وحصول شيء لأمر آخر بصورته فليس حصولا لكنه تلك الحقيقة حقيقة بل الحصول الحقيقي المستلزم لمعرفة الكنه إما حصول الشيء لنفسه أو حصوله لعلته انتهى كلامه.