النفس بتدبير قوى الجرمية وانفعالها عنها لكان لها اقتدار على إنشاء الأجرام العظيمة المقدار الكثيرة العدد مع هيئاتها وأحوالها البهية الحسنة من الأشخاص النورية البرزخية فضلا عن التصرف فيها بالتحريك والتدبير كما وقع لأصحاب الرياضات اللطيفة والمجاهدات العقلية المرتقين عن حضيض الأشباح إلى أوج الأرواح. وقد جربوا أمثال هذا من أنفسهم وهم بعد في هذه النشأة الدنياوية فما ظنك بنفوس كريمة شريفة إلهية عاشقة لكبرياء جلال الأول مرتقية عن تعلقات الأجرام وأعراضها متخلصة عن أهواء الطبيعة وأغراضها وأنت مع شواغلك البدنية وماربك الخسيسة الإنسية إذا فكرت في جبروت ربك الأعلى أو سمعت آية تشير إلى المعاد والمسرى انظر كيف تقشعر جلدك وتقف شعرك وتسلط نفسك على البدن وقواه وتسهل عليك رفضه وقطع هواه وذلك لأجل قليل نور قذف في قلبك وتتقوى به نور نفسك تقوى الجنس بالجنس فانفعلت منها قوى البدن والحس كما كان ينفعل هي عنهما لأجل قصورها وضعفها وقس من هذه الحالة منك حال من داوم في جميع أيام دهره أفعالا وأعمالا مقربة للقدس.
وظني أن من له أدنى مرتبة في التفطن والحدس لو رجع إلى ذاته وشهد ما فعله بقوته المتخيلة في إنشاء ماهيات الأبعاد والأجرام والتصرف في الجبال الشاهقة والصحاري الواسعة والأفلاك المتحركة والساكنة والكواكب تارة بالتركيب والتفصيل وتارة بالتسكين والتحويل لتحدس يقينا أن نفسه العلامة الفعالة المتصرفة في عظائم الأجرام ليست جسما ولا جسمانيا.
وأما الإقناعيات الخطابية في تجردها فهي أكثر من أن تحصى.
أما الآيات فكثيرة منها قوله تعالى في حق آدم ع وأولاده: و نفخت فيه من روحي.
وفي حق عيسى ع: و كلمته ألقاها إلى مريم ع وأخواتها.
وهذه