منهما للكل بحسب المقدار لأن كون الجزءين المتشابهين في الحقيقة إنما يكون في القسمة المقدارية لا في غيرها من التقسيمات. وإذن ليس الكل مقدرا ولا متقدرا لكونه معقولا وكل معقول غير متكمم وإلا لم يصدق على المختلفات تشخصا ومقدارا فلم يكن له جزء متشابه في المعنى والماهية.
والحاصل أن المعنى المعقول لو انقسم إلى جزءين متشابهين لكان الجزء مفارقا للكل بالمقدار فيكون للكل مقدار وهذا محال لتجرده فالمفروض وهو انقسامه بانقسام المحل يكون محالا.
ويلزم أيضا أن لا يكون هذا المعقول معقولا مرة واحدة بل مراتب غير متناهية بالقوة حسب قبول الجسم انقسامات غير متناهية كذلك والتالي باطل كاذب فالمقدم مثله.
وإن لم يكن الشيئان متشابهين كما في الانقسام بالقسمة المعنوية يكون أحدهما قائما مقام الفصل من الصورة التامة والآخر قائما مقام الجنس منها لأن أجزاء المعنى والماهية يكون متخالفة المعنى على هذا الوجه ولكن القسمة لم يجب أن يكون على جهة واحدة وعلى حد واحد بل يمكن على جهات وحدود مختلفة.
فإذا انقسم محل ذلك المعنى المعقول قسمة ثانية انقسم المعنى الحال بانقسامه قسمة أخرى فلا يخلو إما أن يكون هذه القسمة بدلا عن القسمة الأولى أو لم يكن كذلك بل يكون قسمة لكل من القسمين فإن كان الثاني فيكون لكل من الفصل والجنس فصلا وجنسا وهكذا نفرض القسمة الثالثة والرابعة والخامسة إلى غير النهاية فيكون لكل فصل فصل ولكل جنس جنس فيذهب مقومات المقومات إلى غير النهاية فيحصل سلاسل غير متناهية طولية وعرضية وهذا مبرهن الاستحالة لجريان التطبيق والتضايف والحيثيات وغيرها من براهين إبطال لا تناهي في المرتبات المجتمعة ولامتناع تعقل الشيء الموقوف تعقله على ما لا يتناهى سيما إذا كان مرتبا وليست القسمة إلى المقومات كالقسمة الكمية فإن الجزء الكمي لا يكون وجودها إلا بالقوة بمعنى كون مادة الواحد مهيأة للمتعدد من