طبيعية عقلية (1)، ولا حقيقة شرعية في معنى مطهرية المياه وإن قلنا بها في النجاسة والطهارة، فإذا راجعنا العرف في مطهرية الماء المستعمل في رفع الحدث، الملازم قهرا لبعض الأقذار العرفية، فلا نجد إلا تنفرهم واستقذارهم، فتكون الأدلة منصرفة عنه.
بل في شمولها لها إشكال، للشك في مطهريته، مع انصراف أدلة الاستصحاب عند العرف عن شمول هذه المواقف.
أو يقال: إن الأماكن والأمصار والأعصار، مختلفة في ذلك، ففي بعض منها لا يجد فيه القذارة، ويراه مطهرا من كل شئ، وفي بعض منها ينعكس الأمر، فيكون الحكم تابع موضوعه حسب تشخيص المكلفين، كما في سائر الموارد والمواضيع، فلا تخلط، ولا تغفل.
ولعمري، إن ذهاب المشهور إلى المطهرية، منشؤه الغفلة عن أن المطهرية غير الطهارة والنجاسة، فإن فيهما اختلافا من القديم: في كونهما من الحقائق المنكشفة بالشرع، أو من المجعولات الشرعية، أو هي عرفية إمضائية إلا في مواضع خاصة، وأما عنوان " المطهرية " فليس فيه خلاف، وأنه من قبيل سائر العناوين العرفية، موكول إلى العرف سعة وضيقا، ومحول إليهم مفهوما وصدقا، على ما تقرر في محله (2)، وفيما نحن فيه لا يعد الماء المزبور مطهرا.
ولو سلمنا أن الشرع تصرف في المطهرات، فلا نسلم تصرفه في