شئ عن دوره العظيم في حرب الجمل وصفين، ويكفي فيه قول أمير المؤمنين المتقدم: رحم الله مالكا وما مالك.. لقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وآله، وهي كلمة عظيمة تدل على دور مالك العظيم في حروب أمير المؤمنين عليه السلام.
وبعد صفين عينه أمير المؤمنين عليه السلام واليا على الجزيرة والموصل، فبقي فيها حتى أرسل اليه أن يستخلف أحدا ويحضر اليه، فأرسله إلى مصر فاستخلف شبيب بن عامر على الجزيرة. (أنساب الأشراف / 471).
رسالة الإمام عليه السلام إلى أهل مصر، وعهده إلى مالك الأشتر في أمالي المفيد / 81: (فخرج مالك الأشتر رضي الله عنه فأتى رحله وتهيأ للخروج إلى مصر، وقدم أمير المؤمنين عليه السلام أمامه كتابا إلى أهل مصر:
بسم الله الرحمن الرحيم، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله الصلاة على نبيه محمد وآله، وإني قد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، من أشد عبيد الله بأسا، وأكرمهم حسبا، أضر على الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، وهو مالك بن الحارث الأشتر، لا نابي الضرس ولا كليل الحد، حليم في الحذر، رزين في الحرب، ذو رأي أصيل، وصبر جميل، فاسمعوا له وأطيعوا أمره، فإن أمركم بالنفير فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، فقد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم، وشدة شكيمة على عدوكم. عصمكم الله بالهدى وثبتكم التقوى، ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). انتهى.
أما عهد أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر، فهو يقع في نحو ثلاثين صفحة، وهو وثيقة سياسية إدارية حقوقية فريدة، ترسم للحاكم برنامجه في إدارة الدولة. وقد عرف قيمته بعض الحقوقيين الغربيين كما قرأت، فجعلوه مصدرا قانونيا لما لا نص عندهم فيه!