فقال: أوليس ما ابتدأتكم به إن أمرتكم بتقوى الله وطاعته وطاعة نبيه (ص) وأن تعتصموا بحبله جميعا ولا تفرقوا؟ قالوا: بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي (ص)! قال: فإني آمركم الآن إن كنت فعلت فأتوب إلى الله وآمركم بتقواه وطاعته وطاعة نبيه (ص) ولزوم الجماعة وكراهة الفرقة، وأن توقروا أئمتكم وتدلوهم على كل حسن ما قدرتم وتعظوهم في لين ولطف... فقال صعصعة: فإنا نأمرك أن تعتزل عملك فإن في المسلمين من هو أحق به منك! قال: من هو؟ قال من كان أبوه أحسن قدما من أبيك، وهو بنفسه أحسن قدما منك في الإسلام!
فقال: والله إن لي في الإسلام قدما ولغيري كان أحسن قدما مني، ولكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني، ولقد رأى ذلك عمر بن الخطاب فلو كان غيري أقوى مني لم يكن لي عند عمر هوادة... الخ.)! (وكشف الخفاء: 2 / 275 بعضه).
وذكر البلاذري أن معاوية حبس الأشتر وأصحابه فتحرك لذلك بعض رؤساء القبائل فأخرجهم من السجن، فاحتف بهم المسلمون يستمعون إلى أحاديثهم:
(وبلغ معاوية أن قوما من أهل دمشق يجالسون الأشتر وأصحابه، فكتب إلى عثمان: إنك بعثت إلي قوما أفسدوا مصرهم وأنغلوه، ولا آمن أن يفسدوا طاعة من قبل ويعلموهم ما لا يحسنونه حتى تعود سلامتهم غائلة واستقامتهم اعوجاجا). (أنساب الأشراف / 1448).
أقول: يدل هذا النص على تدني مستوى الوعي الديني لأهل الشام، وأنهم لا يعرفون إلا القليل القليل من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسيرته وموقفه من قريش وبني أمية، ومكانة عترته الطاهرين عليهم السلام التي نص عليها القرآن والنبي صلى الله عليه وآله!
ولذلك كان معاوية وبنو أمية حريصين على منع التحديث عن النبي صلى الله عليه وآله، يخافون أن لا يختلط أهل الشام بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله فيزيلوا عن قلوبهم التعتيم