والله أنا مشتاق إلى الجنة وحمل ماهان وبيده عمود من ذهب كان تحت فخذه فضرب به الغلام فقتله وعجل الله بروحه إلى الجنة! قال أبو هريرة: فنظرت إلى الغلام عندما سقط وهو يشير بإصبعه نحو السماء ولم يهله ما لحقه، فعلمت أن ذلك لفرحه بما عاين من الحور العين. قال: فجال ماهان على مصرعه وقوي قلبه ودعا إلى البراز فسارع المسلمون اليه فكل يقول اللهم اجعل قتله على يدي (!) وكان أول من برز مالك النخعي الأشتر وساواه في الميدان فابتدر مالك ماهان بالكلام وقال له: أيها العلج لا تغتر بمن قتلته وإنما اشتاق صاحبنا إلى لقاء ربه، وما منا إلا من هو مشتاق إلى الجنة، فإن أردت مجاورتنا في جنات النعيم فانطق بكلمة الشهادة أو أداء الجزية وإلا فأنت هالك لا محالة! فقال له ماهان: أنت صاحب خالد بن الوليد؟ قال: لا أنا مالك النخعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله! فقال ماهان: لا بد لي من الحرب ثم حمل على مالك وكان من أهل الشجاعة فاجتهدا في القتال، فأخرج ماهان عموده وضرب به مالكا على البيضة التي على رأسه فغاصت في جبهة مالك فشترت عينه فمن ذلك اليوم سمي بالأشتر، قال: فلما رأى مالك ما نزل به من ضربة ماهان عزم على الرجوع، ثم فكر فيما عزم عليه فدبر نفسه وعلم أن الله ناصره، قال والدم فائر من جبهته وعدو الله يظن أنه قتل مالكا، وهو ينظره متى يقع عن ظهر فرسه! وإذا بمالك قد حمل وأخذته أصوات المسلمين يا مالك استعن بالله يعنك على قرينك، قال مالك: فاستعنت بالله عليه وصليت على رسول الله صلى الله عليه وآله وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعا غير موهن فعلمت أن الأجل حصين، فلما أحس ماهان بالضربة ولى ودخل في عسكره! قال الواقدي: ولما ولى ماهان بين يدي مالك الأشتر منهزما صاح خالد بالمسلمين: يا أهل النصر والبأس احملوا على القوم ما داموا في دهشتهم، ثم
(٣٥٦)