لديه وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وبات قلقا لم تغمض له عين خوفا على المسلمين.... قال عطية بن عامر: فوالله ما شبهت عساكر اليرموك إلا كالجراد المنتشر إذ سد بكثرته الوادي! قال: ونظرت إلى المسلمين قد ظهر منهم القلق وهم لا يفترون عن قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأبو عبيدة يقول: ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
ثم ذكر / 178 رسالة أبي عبيدة إلى عمر فقال عمر: (ما تشيرون به علي رحمكم الله تعالى؟ فقال له علي بن أبي طالب: أبشروا رحمكم الله تعالى، فإن هذه الوقعة يكون فيها آية من آيات الله.... قال لعمر: يا أمير المؤمنين أكتب إلى عاملك أبي عبيدة كتابا وأعلمه فيه أن نصر الله خير له من غوثنا ونجدتنا).
وقال ابن الأعثم في: 1 / 179: (وبلغ أبا عبيدة بأن ماهان وزير هرقل أقبل في عساكره حتى نزل مدينة حمص في مائة ألف، فاغتم لذلك... قال ثم تكلم قيس بن هبيرة المرادي فقال: أيها الأمير هذا وقت رأي نشير به عليك، أترانا نرجع إلى بلادنا ومساقط رؤوسنا، وتترك لهؤلاء الروم حصونا وديارا وأموالا قد أفاءها الله علينا ونزعها من أيديهم فجعلها في أيدينا، إذن لا ردنا الله إلى أهلنا أبدا إن تركنا هذه العيون المتفجرة والأنهار المطردة والزرع والنبات والكروم والأعناب والذهب والفضة والديباج والحرير، والحنطة والشعير! ونرجع إلى أكل الضب ولبوس العباءة، ونحن نزعم أن قتيلنا في الجنة يصيب نعيما مقيما، وقتيلهم في النار يلقى عذابا أليما! أثبت أيها الأمير وشجع أصحابك وتوكل على الله، وثق به ولا تيأس من النصر والظفر. قال فقال أبو عبيدة: أحسنت يا قيس، ما الرأي إلا ما رأيت، وأنا زعيم لك، ولا أبرح هذه الأرض حتى يأذن الله لي). انتهى.