يؤكد رأينا في أن الفتوحات الأساسية تحققت بجهود قادة الفتوح الشيعة، بقيادة علي عليه السلام، وأن قريشا نسبتها إلى تدبير ولاتها، على حد تعبيره عليه السلام.
الملاحظة الثانية: أن منطقة ما وراء النهر من خراسان، استمرت مقاومة أهلها المجوس والوثنيين طيلة حكم بني أمية، فكانت عند معاوية منفى نموذجيا للمعارضين، ولذلك تقرأ موت عدد كبير من الصحابة والشخصيات فيها، باسم الجهاد والفتح، سوى الذين عينوهم قادة وولاة، وقتلوهم قبل أن يصلوا إليها!
ولا بد أن سعيد بن عثمان أدرك أن منصبه خطة لقتله، فكان حذرا من السم وسارع في جمع ما أمكنه من ثروة بالصلح والغارة، وعاد في أقل من سنة!
الملاحظة الثالثة: أن عزل سعيد بمجرد رجوعه إلى المدينة يعني أن معاوية خاف أن يستعمل ثروته التي جمعها للقيام بحركة ضده، وقد صرح بذلك البلاذري فقال في فتوح البلدان: 3 / 509: (وكان معاوية قد خاف سعيدا على خلعه، ولذلك عاجله بالعزل! ثم ولى معاوية عبد الرحمن بن زياد خراسان). انتهى.
وهذا يلقي الضوء على زعمهم أن الغلمان البخاريين قتلوا سعيدا، بل هو كمين معاوية! وقد رافقه أحد عيونه ولم يدافع عن سعيد! ثم قتلوا الغلمان كلهم!
قال في تاريخ دمشق: 21 / 227: (قدم سعيد بن عثمان المدينة فقتله غلمان جاء بهم من الصغد، وكان معه عبد الرحمن بن أرطاة بن سيحان حليف بني حرب بن أمية.... فقال خالد بن عقبة بن أبي معيط يرثي سعيد بن عثمان بن عفان:
يا عين جودي بدمع منك تهتانا * وابكي سعيد بن عثمان بن عفانا إن ابن زينة لم تصدق مودته * وفر عنه ابن أرطأة بن سيحانا).
وابن أرطاة: (له اختصاص بآل سفيان... ضرب في الخمر وهو حليف بني حرب) (تاريخ دمشق: 34 / 178) و (أكثر شعره في الشراب والغزل والفخر). (الأعلام: 3 / 299).