ثانيا، أعلن أن القضية من جانبه صراع على السلطة، وادعى أنها كذلك من جانب بني هاشم، وكأنه لا فرق بين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وآله، وعلي بن أبي طالب! وما دام انتصر فلا يخاف أن يعلن ذلك!
فهذا اعتراف من معاوية على نفسه بأنه لا دين له! ونحن نقبل شهادته في حق نفسه، ولا نقبل تهمته لغيره، لأنها نفس تهمة أبيه وزعماء قريش للنبي صلى الله عليه وآله بأنه يريد تأسيس ملك لبني هاشم كملك كسرى وقيصر! وقد كذبهم الله تعالى وسمى أبا سفيان وزملاءه أئمة الكفر، وأمر المسلمين بقتالهم، فقال: فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون. (التوبة: 12).
ثالثا، أعلن معاوية شرعية قانون الغلبة، فالذي يغلب يكون على حق، ويكون الله تعالى أعطاه الولاية على الأمة! والذي ينغلب يكون على باطل، ويكون الله تعالى حرمه الولاية على الناس! وهذه جبرية مادية لا يقبل بها عقل ولا دين، لأن الحق والباطل يتبعان دليلهما العقلي أو الشرعي، لكن الوثنيين العرب كانوا يعتقدون بهذه المادية كاليهود، ومنهم أبو سفيان وابنه معاوية!
ومن الإشكالات على هذه القدرية أنها تستلزم التناقض والهرطقة لأن الغالب قد يتحول إلى مغلوب والحق لا يتحول إلى باطل! لكن معاوية يقبل هذه التناقض فيقول إن الله تعالى أعطى النصر لمحمد صلى الله عليه وآله على أبي سفيان فكان محمد صلى الله عليه وآله على حق، ثم أعطى لمعاوية النصر على علي عليه السلام وارث محمد صلى الله عليه وآله فرجع الحق إلى معدنه! وهذا هو منطق اليهود الذي يقول إن الحق تابع للغلبة! فإذا انتصر المغلوب صار على حق، وإذا نغلب الغالب صار على باطل! ويجعل الأنبياء والأوصياء عليهم السلام المغلوبين على باطل! وهذه هي الهرطقة!
رابعا، أن معاوية كاليهود جاد في ادعائه أن قانون الغلبة يجعله يستمد شرعيته