الأول: ان شرط الحجية هو احتمال الإصابة، وهو متحقق في كل من الدليلين في نفسه، فكل منهما بنفسه يشتمل على شرط الحجية فيكون موضوعا للحجية، فلا وجه للالتزام بخروج أحدهما عن الحجية بالعلم الاجمالي، إذ العلم الاجمالي لا يكفى في رفع الموضوع بعد تحقق الشرط في كل منهما في حد ذاته.
الثاني: انه لو سلمنا خروج أحدهما عن الحجية وبقاء أحدهما على الحجية، فكون أحدهما على البدل وبلا عنوان موضوعا للحجية غير وجيه إذ لا تعين ل " أحدهما على سبيل البدل " في الواقع ولا وجود له كي يكون قابلا لشمول الحجية له - كما تقدم - الثالث: انه لو سلمنا بامكان تصور الفرد على البدل، الا ان اثبات حجيته يحتاج إلى دليل آخر يتكفل ذلك، لان دليل الحجية يتكفل اثبات الحجية لكل فرد بخصوصه، فهو قاصر عن شمول الواحد على سبيل البدل، فلاحظ.
وعلى كل، فهل الوجه هو التساقط مطلقا، أو الاحتياط، أو التوقف؟
اما الاحتياط فلا أصل له الا رواية (1) مخدوش في سندها وراويها حتى ممن يتساهل في العمل بالاخبار - كصاحب الحدائق - واما التوقف في العمل الذي يرجع إلى الاحتياط بملاك أدلته المذكورة في مورد البراءة، فكالأول، لاختصاص رواياتها بموارد ليس ما نحن فيه منها.
فالمتعين هو التوقف، بمعنى نفى الثالث، كما التزم بها الشيخ، لما تحقق في محله (2) من عدم تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في الحجية في مثل ما نحن فيه، مما لم يعلم بانتفاء المدلول المطابقي واقعا بل يحتمل ثبوته، وحيث إن الدليلين متصادمان في دلالتهما الالتزامية عن الحجية لخروجهما عن مورد المعارضة، فكل من الدليلين ينفى الثالث بالالتزام. ومنه يظهر منع الالتزام بالتساقط مطلقا.