المقدور لعدم فرض الداعوية والتحريك في كليهما معا لعدم القدرة على متعلقيهما جمعا فيسرى التنافي إلى مرحلة الجعل إذ يتردد المجعول بينهما بعد أن لم يمكن جعلهما معا ومن التنافي في مرحلة الجعل يسرى التنافي إلى الدليل المتكفل لبيان الجعل كما اعترف بذلك (قدس سره) فإنه ذكر ان ملاك التخيير في صورة التنافي في مرحلة الجعل هو تقييد كل من الاطلاقين للاخر وظاهر ان الاطلاق ليس امرا غير الدليل.
وبذلك لا يظهر انحياز مفهوم التعارض عن موارد التزاحم والذي ينبغي ان يقال ان لفظ التزاحم لم يرد في آية ولا رواية وانما هو لفظ اصطلح به على بعض الموارد التي تشترك في جملة احكام جعلها الأصوليون لها - كما أشرنا إليه في صدر الفصل - فلا بد من معرفة حد التزاحم من معرفة مقدار تلك الآثار.
والذي نراه ان هذه الأحكام انما تجرى في صورة تنافي الحكمين من جهة عجز المكلف وعدم قدرته على الاتيان بمتعلقيهما لا تنافيهما مطلقا ولو من حيث أنفسهما.
فالكلام يقع في جهات ثلاث:
الأولى في بيان جريان جميع هذه الأحكام في هذه الصورة أعني صورة كون التنافي ناشئا عن العجز خاصة.
الثانية في بيان عدم جريان احكام التعارض التعبدية في هذه الصورة إذ لقائل أن يقول إنه بعد فرض ان هذا النحو من التنافي يسري إلى الدليلين فيوجب تعارضهما فما هو الوجه في العدول عن اجراء احكام التعارض الثابتة بالأدلة الشرعية في هذه الصورة إلى اجراء احكام أخرى لم يرد بها تشريع؟
الثالثة في بيان ان موضوع الخلاف بين المحققين الخراساني والنائيني - هل يندرج تحت أحد العنوانين - التزاحم والتعارض - أم له حكم آخر؟ ومنه يظهر