عن عمد وعلم. كما أنه يقبح مع الغفلة والجهل المركب - إذا كان عن تقصير -.
أما العقاب مع التردد والشك في رضا المولى بالعمل وعدم رضاه، فلم يعلم انه من منافرات القوة العاقلة، كما لا يعلم ان بناءهم على عدمه حفظا للنظام، لعدم العلم بأن المؤاخذة مخلة بالنظام، ولا سبيل إلى احراز ذلك. فمثلا لو ضرب العبد مولاه جاهلا في رضا المولى بذلك لاحتماله انه ليس بمولاه، فلا يعلم قبح المؤاخذة من المولى - على كلا المسلكين -.
المقام الثاني: في صحة مؤاخذة المولى الشرعي في النشأة الدنيوية، بعد تسليم قبح مؤاخذة المولى العرفي عبده على المخالفة في صورة الجهل والتردد.
ولا يخفى إنه لا سبيل إلى الجزم بالقبح على كلا المسلكين بالنسبة إلى المولى الحقيقي المكون للعباد، إذ كثيرا ما يتحقق الايلام بالمرض ونحوه بالنسبة إلى المطيع تمام الإطاعة فضلا عن المخالف، من دون أن يرى العقل القبح فيه.
وأساس الوجه الذي به ينفى حكم العقل بالقبح في هذا المقام هو ان مدار حكم العقل بالقبح والحسن بكلا مسلكيه على تحقق الظلم والعدل، وأساس الظلم والعدل على فرض حقوق وحدود بين الطرفين بحيث يكون تجاوزها ظلما وعدمه عدلا. وهذا يتصور بين المولى العرفي وعبده وبين الوالد وولده.
أما بين المولى الحقيقي ومخلوقه، فلا يتصور ان للعبد حقا خاصا على مولاه، إذ هو ملكه ومخلوقه يتصرف به ما يشاء يفقره ويمرضه ويهمه وغير ذلك، مع علم العبد بالمخالفة وجهله، بل ومع إطاعته لمولاه وخضوعه لأوامره ونواهيه، ولا يتنافى ذلك مع بناء العقلاء، كما أنه لا ينافر القوة العاقلة.
والمقام الثالث: في صحة مؤاخذة المولى الشرعي في النشأة الأخروية مع جهل العبد بالمخالفة بتردده فيها.
ولا يخفى أن العقاب الأخروي وهكذا الثواب فيه آراء ثلاثة:
الأول: أنه من باب تجسم الاعمال، فحال العمل كحال البذرة التي