ما ليس بعلم ممنوع اتباعه، فيكون الخبر الواحد غير المورث غير حجة حسب الآية، وإذا كان مورثا للوثوق والاطمئنان فلا بأس بحجيته، لأنه العلم عرفا، والآية تنهى عن اتباع غير العلم، فلا يتم - حسب مفادها - ما هو المقصود، وهو حجية مطلق خبر الثقة، وتكون رادعة عنه.
وإن شئت قلت: لا بد عقلا من اختيار حجية هذه الآية، وإلا تلزم اللغوية، فحجية هذه الآية ثابتة قطعا، وعندئذ تكون مانعة من اتباع غير العلم.
وهذا ليس من تخصيص الآية بنفسها، كما في " تهذيب الأصول " (1) ضرورة أن التخصيص فرع الشمول البدوي، والانصراف يمنع عن الشمول، فلا وجه لما فيه:
" من أن التخصيص إذا جاز بالنسبة إلى نفسها، فيجوز بالنسبة إلى أخبار الآحاد بأدلة حجيتها ".
هذا مع أن الالتزام بحجية الظواهر بعد قطعية السند، مما هو ضروري، لأن القرآن جاء لهداية البشر، فلا بد عقلا من ذلك في خصوص ظواهرها، بخلاف ما هو ظني الصدور، فليسا هما في عرض واحد حتى عند العقلاء، ولو كانا واحدا عندهم ولكنهما - حسب هذه الآيات، ونزول القرآن - مختلفين في نظر الشرع، فتدبر.
ومنها: أن الحكومة والتخصيص ودعوى الانصراف، كلها لو كانت غير تامة، ولكن الورود ممكن، فإن مفاد الآية ليس إلا النهي عن اتباع غير الحجة، ضرورة أن " العلم " في لسان الأخبار هي الحجة، كما تقرر في محله، للقرائن الخاصة، وفيما نحن فيه أيضا يكون المراد منه الحجة، إذ لو أريد منه العلم الوجداني، للزم تعطيل الأحكام الكثيرة، أو ورود التخصيص الأكثر المستهجن، انتهى ما في " تهذيب الأصول " بإجماله (2).