بالشبهات الوجوبية، أيضا ممنوع مما لا يكون بها علم. وهذا قطعا ليس مرادا، إلا إذا قلنا باختصاص الآية الكريمة بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه يعلم كل شئ عند الحاجة إليه، فعلى هذا تصبح الآية - لأجل هذه الجهة - مجملة (1).
ومنها: أن المنهي هو اتباع ما ليس به علم، وكما يكون الاتباع لحكم الله تعالى المعلوم خارجا عنه، كذلك الاتباع للخبر الواحد المعلومة حجيته، يكون خارجا عنه تخصصا، وهذا ليس من الورود، ولا الحكومة، ولا التخصيص والتقييد.
وبالجملة: حجية الخبر الواحد معلومة لنا بالضرورة، ولا يكون الحجية ظنية ولو كان مؤداها ظنيا وإذا كان الاتباع عن خبر زرارة من الاتباع اللغوي والعرفي، وكان اعتبار خبر زرارة قطعيا، يكون هو خارجا عن منطوق الآية.
وإن شئت قلت: كلمة * (علم) * نكرة في سياق النفي، ف * (لا تقف ما ليس لك به علم) * أي علم ما، لمكان التنوين الداخل على النكرة، ولنا العلم بحجية خبر الثقة.
اللهم إلا أن يقال: بأن دعوى العلم بالحجية بالنسبة إلى مطلق خبر الثقة، من الجزاف المنهي، فتكون الآية تامة للرادعية.
ومن هنا يظهر: أن توهم المعارضة البدوية بين ظاهر الآية، وقطعية حجية الخبر الواحد، وأنه عندئذ لا بد من الأخذ بما هو المقطوع، وترك الآية إلى أهلها، غير صحيح، لأن ما هو المقطوع به هو الخبر الواحد في الجملة، أي الخبر الواحد الحاصل منه الوثوق والاطمئنان، دون مطلقه، فيكون ظاهر الآية باقيا على قوته للردع.
ولعمري، إنه لولا ما أشرنا إليه من طريان الاجمال على الآية من تلك الناحية، لكانت دلالتها على عدم رضا الشرع بإخبار الواحد غير الحاصل منه