ثم لا يخفى: أن ما ذكرناه في هذه المسألة مما يشير إليه بعضهم، كالشيخ في موضع من " الرسالة " (1) و " الكفاية " في أوائل مسألة القطع (2)، والذي كان يهمنا هو التفكيك بين مسألة ردع القطع عن المعذرية، وبين المسألة الآتية إن شاء الله تعالى، وقد ابتلي بعض منهم بالخلط (3). وعليه يترتب جواز نفي عذرية قطع الوسواس والقطاع وغيرهما، كما صرح به في " العروة الوثقى " (4) فراجع.
ومن هنا يظهر: أن النزاع المعروف بين الأخباريين والأصوليين (5) قابل للطرح، لأن من المحتمل أن يكون مرادهم من نفي حجية القطع الحاصل من غير الكتاب والسنة، نفي معذريته في صورة الخطأ، ولعل مقتضى إطلاق كلام الأصوليين كلا، أيضا عدم معذرية الجهل المركب التقصيري. وعلى ما ظهر يتبين أيضا فساد قول العلامة النائيني (رحمه الله) من المناقشة في هذه المسألة (6)، فراجع.
وأما المسألة الثانية: وهي حول إمكان ردع الشرع عن اتباع المقطوع به حين القطع، فالمشهور المقطوع به في كلماتهم امتناعه (7)، معللين: " بلزوم اجتماع الضدين اعتقادا مطلقا، وحقيقة في صورة الإصابة " كما في " الكفاية " (8).
وفيه: ما مر في محله من أن التضاد الاصطلاحي، ممنوع بين الأحكام كلا، بل لا يلزم اجتماع الحكمين في محل واحد، لأن التحريم متعلق بالخمر، والتحليل