فعلى هذا الأصل الأصيل، إذا جعل المولى وأراد تحريم الخمر، يكون الخمر محرمة سواء تعلق به القطع، أم تعلق به خبر الثقة، أو لم يتعلق به شئ.
وله أيضا إيجاب مخالفة القطع بنحو كلي، لا القطع الخاص المتعلق بحكمه، بل هو في مقام الإيجاب لا يلاحظ إلا عنوان مخالفة القطع، وإذا كان تحت هذا العنوان غرض ومصلحة سياسية أو غيرها، يصح له أن يوجب مخالفته.
وما هو الموجب للامتناع هو إيجاب القطع الخاص، أي الحاصل المتعلق بحرمة الخمر.
وأما إذا أوجب مخالفة القطع على الإطلاق - سواء كان متعلقا بالأحكام، أو الموضوعات الشرعية، أو تعلق بالمسائل العرفية، وعلى فرض تعلقه بالحكم الشرعي سواء فيه الإصابة، والخطأ - تكون النسبة بين الإيجاب المزبور وتحريم الخمر مثلا، عموما من وجه، ويكون الحكم على العنوان المذكور فعليا، كما يكون حكم الحج بالنسبة إلى عنوان " المستطيع " فعليا، سواء كان ذاكرا، أم غافلا، عاجزا، أم قادرا، مع أنه لا يعقل فعلية الحكم بالنسبة إلى خصوص الغافل، ولا يترشح الجد، ولكنه يتمكن من الإيجاب العام، فإيجاب مخالفة القطع لا ينحل إلى الإيجابات الكثيرة في الخطاب.
فتحصل: أن الامتناع إذا كان مستندا إلى عدم تمكن المولى من الإيجاب الجدي في مقام الجعل، فهو قابل للدفع.
وأما إذا كان وجه الامتناع مستندا إلى المقام الثاني وهو مقام الامتثال، فنقول:
إن القاطع بحرمة الخمر، لا يمكن أن يكون قاطعا بإيجاب الشرع مخالفة القطع، على إطلاقه الشامل لقطعه المتعلق بالحكم.
نعم، للشرع إيجاب مخالفة القطع المتعلق بأن شرب ماء الورد يفيد، أو شرب الفقاع يفيد، فإنه يمكن إيجاب مخالفة هذا القطع، فيكون إطلاق الدليل المزبور عنده