الممكن أن يخالف القاطع قطعه تجريا، فيكون المولى واصلا إلى مقصوده بعدما لم يكن عباديا، وسيأتي ما هو الحجر الأساس في محله (1).
وتوهم: أن الترخيص يلازم تجويز التجري، وهو في حد تجويز العصيان (2)، في غير محله، كما مر في المسألة السابقة.
ووقوع التناقض في نفس القاطع (3) لا يضر بشئ من المقصود. مع إمكان أن يكون القاطع قاطعا بحكم الخمر، وخمرية ما عنده، وقائمة عنده الأمارة الظنية على جواز مخالفة القطع، فإنه حينئذ لا يلزم تناقض في نفسه، كما هو الواضح.
وتوهم: أنه خروج عن محط الكلام (4) غير جائز، لأن البحث حول إمكان سلب منجزية العلم والقطع بعد وجوده، إذا كان تعلق بالحكم الشرعي وموضوعه، لا بجميع ما يرتبط بالمسألة، فلا تخلط.
فتحصل: أن ترخيص الشرع في مخالفة القطع المتعلق بوجوب صلاة الجمعة، لا يخلو إما أن يكون في مورد الإصابة، أو في مورد الإخطاء:
ففي الصورة الأولى تلزم المناقضة، وعدم إمكان الجمع بين الإرادة المتعلقة بوجوب صلاة الجمعة المستلزمة للعقاب عند التخلف، وبين الإرادة المتعلقة بالترخيص المستتبع لعدم العقاب على تركها.
وفي الصورة الثانية لا يلزم إشكال عقلي، بعد كون المولى عارفا بأن القطع الحاصل لزيد خلاف الواقع، ويكون جهلا مركبا. فما في كلماتهم من امتناع الردع في الصورتين (5)، غير موافق للتحقيق.