القطع، يجد تخلف كثير من الأقطاع والعلوم عن الواقع.
وأما إذا اتفق له القطع بذلك الحكم، فلا يتمكن المولى من منعه بعد حصول قطعه، كما سيأتي تحريره في المسألة الآتية، ولا هو نفسه، لما يرى الواقع في خصوص قطعه الموجود.
ولكنه بحسب الواقع، لا يكون معذورا إذا تخلف عن الواقع، فهو حين القطع يجب عليه تبعية المقطوع به، كما أن المضطر إلى الجيفة بعد الاضطرار، يجب عليه أكل الجيفة، ومع ذلك يعاقب على واجبه العقلي، والمكره على شرب الخمر إذا تعمد في حصول الإكراه، فحين الإكراه لا يمكن ردعه، أي منعه عن المكره عليه بالضرورة، لأن حفظ النفس واجب، ولكن يستحق العقوبة، لأنه بالاختيار امتنع الأمر عليه.
وهكذا في القطع، يمكن منع المعذرية عنه في هذا الفرض، فإن مجرد الكاشفية عن الواقع لا يلازم ذلك، ضرورة إمكان توصل المولى إلى منع معذريته بمنع السبيل المنتهي إلى القطع بالحكم، ونتيجة ذلك جواز التخلف.
وأما القول: " بأن تجويز التجري في حد تجويز المعصية " كما في حواشي العلامة الأصفهاني (قدس سره) (1) ففي غير محله، لما سيأتي من إمكان ذلك لعروض العناوين الاخر، وعند المقتضيات الاخر (2)، بخلاف العصيان، فإنه يلزم من تجويزه انتفاء موضوعه، وهو خلف.
فبالجملة: تحصل إمكان منع حجية القطع ومعذريته في الجملة، من غير رجوعه إلى تقييد موضوع الحكم بقيد، حتى يلزم الخلف، ضرورة أنه جائز واضح، كما سنشير إليه في ابتداء المسألة الآتية إن شاء الله تعالى.