سائر الأمارات العقلائية في الخارج من محيط الشرع، من غير الحاجة إلى الشرع في الإمضاء بالضرورة، فإن العقلاء لا يختلف عندهم القطع وغيره في هذه الجهة بالضرورة، وليس حمل " الحجة " عندهم على سائر الأمارات، من باب التنزيل والادعاء، كما قد يتخيل (1).
فعلى هذا، هذه الأوصاف الانتزاعية مشتركة فيها جميع الطرق العقلية والعرفية، ويكون من المحرر في محله: أن انتزاع العنوان الواحد - مثلا كالحجية والزوجية - من الأمور المختلفة غير ممكن، إلا لأجل اشتراكها في جهة جامعة هي منشأ الانتزاع واقعا (2)، فكما أن الزوجية لا تنتزع عن الأربعة بما هي هي، بل هي منتزعة عن القابل للقسمة إلى المتساويين في الكم المنفصل، ضرورة انتزاعها من الستة والعشرة، كذلك الحجية لا تنتزع عن القطع بنا هو هو، بل هي منتزعة عما هو المشترك بينه وبين سائر الأمارات، وهي المرآتية عن الواقع نوعا، أو كلا مثلا.
وغير خفي: أن المعاني الانتزاعية ليست مندرجة في المقولات، لانتزاع العناوين الكثيرة عن الذات الإلهية.
وأيضا: لا يلزم أن تكون الانتزاعيات من الخارج المحمول، لانتزاع الخالقية والرازقية من ذاته تعالى باعتبار قيام الخلق - صدورا - به تعالى، كما لا يخفى.
فالحجية ليست من الذاتيات في باب الإيساغوجي بالضرورة، ولا في باب البرهان بالنسبة إلى القطع وسائر الأمارات، حتى لا يكون معللا. إلا أن معنى " المعللية " ليس أن يكون له العلة المفيضة للوجود خارجا، لأنه أمر ذهني لا خارجية له، نظير انتزاع الخالقية والمنعمية والرازقية.
فبالجملة: لا ينبغي الخلط بين كون شئ ذاتيا حسب مصطلحات القوم، وبين