كون شئ غير محتاج إلى الجعل الخارجي، لكونه دون الجعل، ضرورة أن الحجية والمعذرية ليست داخلة في المقولات، ولا تكون من دار الوجود، بل هي من خلاقية النفس عند قياس شئ إلى شئ، أو عند إدراك أمر، كلزوم الإطاعة، وإدراك انكشاف الواقع. وهي كالزوجية، فكما أنها تدرك عقيب إدراك القسمة إلى المتساويين، ولا تكون من لوازم ذات الأربعة بما هي أربعة، كذلك الحجية، وكما أنها لا تنالها يد الجعل تكوينا زائدا على أصل جعل الأربعة، كذلك الحجية.
فالمحصول مما قدمناه في هذه الجهة: هو التوطئة للبحث الآتي، وتمكين الباحثين من إمكان التدخل في نفي الحجية وسلبها عن القطع، كما يمكن سلبها عن سائر الطرق. وبذلك تمتاز عن الزوجية والإمكان بالنسبة إلى ماهية الانسان، وغير ذلك من اللوازم الإدراكية وراء الماهيات، فافهم واغتنم جيدا.
وبالجملة: ظهر أنها ليست من الذاتي في كلا البابين حتى يمتنع سلبها، فلولا المحاذير الاخر الآتية، لا يكون هذا الأمر محذورا في سلبها عنه.
إن قلت: الحجية للقطع وسائر الطرق ليست ذاتي باب الإيساغوجي، إلا أنها ذاتي باب البرهان (1)، لأن المراد من " الذاتي " في باب البرهان، ما ينتزع عن صراح الذات، أو عن الذات بلحاظ الأمر الآخر، بشرط أن لا يكون من الضمائم الزائدة على الذات، فإنه عندئذ يكون محمولا بالضميمة، والحجية وإن كانت هي مشتركة بين الأمارات كلا في محيط العقلاء، إلا أنها تنتزع بلحاظ ليس زائدا على ذات القطع، ولا سائر الأمارات، فلا يمكن السلب.
قلت أولا: لازمه عدم إمكان السلب بالنسبة إلى سائر الأمارات، وهذا مما لا يلتزم به.
وثانيا: إن الجهة المشتركة لانتزاع الحجية، هي أصل الكشف المشترك بين