وأما هذه الرواية فهي مخالفة للقواعد الفقهية المتفق عليها نصا وفتوى، فإنه بالبيع قد استحق المال المسلم فيه وصار ماله، يتصرف فيه كيف شاء، سواء اشتراه بدراهم أو عروض، وله بيعه بما شاء من الدراهم والعروض، إلا أن يفسخ البيع، فيلزم رأس المال خاصة.
وأما مع عدم الفسخ فلا وجه للمنع من تقويمه بالدراهم، وكون المدفوع في قيمته دراهم وبيعه الآن بدراهم لا يوجب ذلك الربا، لأنه أنما باع المتاع الذي أسلم فيه لا الثمن الذي دفعه قيمة، وأما ما دل عليه الخبر الخامس عشر فسيأتي الكلام فيه في محله انشاء الله تعالى.
وبالجملة فالظاهر من الأخبار المذكورة بمعونة الجمع الذي قدمنا ذكره أنه مع عدم فسخ البيع الأول فله أن يبيع ما في ذمة المسلم إليه بما أراد من زيادة ونقيصة عليه أو على غيره، لأنه ماله يتصرف فيه كيف شاء ولا مانع من ذلك شرعا إلا ما ربما يتخيل مما تقدم في مسألة البيع قبل القبض، وأن المختار ثمة هو التحريم كما دل عليه جل روايات تلك المسألة.
والجواب عن ذلك أن الظاهر عندي هذه المسألة غير مترتبة على تلك، بل هي مسألة على حيالها كما لا يخفى على المتأمل في أخبار المسألتين وموضوع أخبار هذه المسألة إنما هو بيع مال السلم على من هو عليه، وأخبار تلك المسألة إنما هو الشراء على غير وجه السلم وبيعه على الغير قبل قبضه كما لا يخفى على المتأمل