وظاهر جملة منهم شيخنا الشهيد الثاني في المسالك والروضة العدم، قال في المسالك بعد قول المصنف في مسألة بيع الدين بعد حلوله بما شرط تأجيله قيل يبطل، لأنه بيع دين بدين، وقيل يكره، وهو الأشبه ما لفظه:
وأما بيعه بمؤجل فقد ذهب جماعة إلى المنع منه، اعتمادا على أن المؤجل يقع عليه اسم الدين، وفيه أنهم إن أرادوا اطلاق اسم الدين عليه قبل العقد، وحالته فظاهر منعه، لأنه لا يعد دينا حتى يثبت في الذمة، ولا يثبت إلا بعد العقد، فلم يتحقق بيع الدين بالدين، وإن أرادوا أنه دين بعد ذلك لزم مثله في المضمون الحال، ولا يقولون ببطلانه، وأما دعوى اطلاق اسم الدين على المؤجل قبل ثبوته في الذمة دون الحال فهو تحكم.
والحق أن اسم بيع الدين بالدين لا يتحقق إلا إذا كان العوضان معا دينا قبل المعاوضة، كما لو باعه الدين الذي في ذمته بدين آخر له في ذمته، أو في ذمة ثالث أو تبايعا دينا في ذمة غريم لأحدهما بدين في ذمة غريم آخر للآخر، ونحو ذلك لاقتضاء الباء كون الدين نفسه عوضا، والمضمون الذي لم يكن ثابتا في الذمة قبل ذلك لا يعد جعله عوضا بيع دين بدين، وأما ما يقال: اشترى فلان كذا بالدين، مريدين به أن الثمن في ذمته لم يدفعه، فهو مجاز يريدون به أن الثمن بقي في ذمته دينا بعد البيع، ولولا ذلك لزم مثله في الحال لا طلاقهم فيه ذلك نعم. الدين المبيع يطلق عليه اسم الدين قبل حلوله وبعده، فلا بد في المنع من دين آخر يقابله، فظهر أن ما اختاره المصنف من جواز ذلك على كراهية أوضح. انتهى وهو جيد، إلا أن ما ذكره من أن الدين المبيع كالسلم مثلا يطلق عليه اسم الدين بعد الحلول أيضا وإن كان هو الظاهر من كلام غيره من الأصحاب أيضا، إلا أن الدين لغة كما صرح به جملة من أرباب اللغة مخصوص بالمؤجل دون الحال، قال في القاموس: الدين ماله أجل، وما لا أجل له فقرض.
وقال في النهاية الأثيرية فيه أنه نهى عن الكالئ أي النسية، بالنسيئة وذلك أن يشتري الرجل شيئا إلى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضي به فيقول بعينه