وبمثل هذا جعل الاستصحاب دليلا فعدم صحة مثله على ما قالوه محل التأمل انتهى وهو جيد وجيه.
المقام الثاني في الأحكام وفيه مسائل الأولى اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في اشتراط ذكر موضع التسليم في العقد مع اعتراف جملة منهم بأنه لا نص فيه على أقوال: أحدها اشتراطه مطلقا، وهو مذهب الشيخ في الخلاف، وتبعه عليه جمع ممن تأخر عنه، واستقر به الشهيد (رحمة الله عليه) وعللوه بأن مكان التسليم مما يختلف فيه الأغراض، ويختلف باختلافه الثمن والرغبات، فإنه قد يكون بعيدا من المشتري ولا يرغب في تكثير الثمن، ولا في الشراء على بعض الوجوه، وقد يكون قريبا فينعكس الحكم، وكذا القول في البايع.
أقول فيه ما أشرنا إليه في غير مقام مما تقدم من أن مثل هذه التعليلات لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية، على أنه لو صلح كون ذلك علة كما ذكروه لما خفي على الأئمة (صلوات الله عليهم) فكيف لم ينبهوا عليه، ولم يذكروا في شروط السلم موضع التسليم، كما ذكروا غيره مما تقدم ذكره، أرأيت أنهم (رضوان الله عليهم) اهتدوا إلى ما لم يهتد إليه الأئمة (صلوات الله عليهم) على تطاول مدتهم وأزمانهم، ولم يهتد إليه أحد من نقلة أخبارهم، بل الحق أن ذلك أنما هو من باب اسكتوا عما سكت الله عنه، كما في جملة من الأخبار (1).