على اشتراط الوصف، وهو يتناول المكان، لأن الأين من جملة الأوصاف اللاحقة بالماهية، فكون الشيخ لم يستدل بالاجماع ولا بالأخبار لا يدل على بطلان الحكم، لامكان الاستدلال عليه بغيرها انتهى.
أقول: لا يخفى عليك ما فيه من الوهن الظاهر لكل ناظر، ولا سيما معارضته لا صالة براءة الذمة بأصالة بقاء المال على صاحبه، فإن هذه الأصالة يجب الخروج عنها بالأدلة العامة والخاصة بالسلف، من الآيات والروايات الدالة على حل البيوع، وصحتها بجميع أنواعها وخصوصا أخبار بيوع السلف حيث أنها خالية عن ذلك إلا ما قام الدليل الواضح على فساده، وكان الواجب عليه إقامة الدليل على فساد البيع في موضع البحث، ليتجه له تخصيص تلك الأدلة، وإلا فتخصيصها بمجرد الدعوى مصادرة محضة، ومجازفة ظاهرة، وأضعف من ذلك دعواه دلالة الأخبار على ذلك، بتقريب أنها دلت على اشتراط الوصف، والمكان من جملة الأوصاف، فإن الوصف عندهم إنما هو عبارة عما يفرق به بين أصناف النوع كما تقدم ذكره في كلام الدروس.
ولهذا أنهم عدوا من الشروط الوصف على حدة، وعدوا ذكر موضع التسليم على حدة، على أنك قد عرفت مما أشرنا إليه آنفا أنه ليس في الأخبار ما يدل على استقصاء الأوصاف على الوجه الذي ذكروه، حتى أنه يتعدى إلى ما يحمله هنا، وادعى أنه من جملة الأوصاف، وبالجملة فإن كلامه (قدس سره) إنما هو محض تعصب على ابن إدريس كما هو عادته، وقبله المحقق " عطر الله مرقديهما "، من الرد عليه غالبا بما هو حق تارة وباطل أخرى.
وثالثها التفصيل بأنه إن كان في حمله مؤنة وجب تعيين محل حمله، وإلا فلا، وذهب إليه الشيخ في المبسوط وابن حمزة، ووجهه ظاهر مما تقدم في القول الأول، فإن الأغراض إنما تختلف في محل يفتقر إلى المؤنة، وأما غيره فلا، وفيه ما أوردناه على القول الأول.