ورابعها التفصيل أيضا لكن بنحو آخر، وهو أنه إن كانا في برية أو بلد غربة قصدهما مفارقته اشترط تعيينه، وإلا فلا، اختاره العلامة في القواعد والمختلف، والوجه فيه ما ذكره في المختلف قال: لنا إنهما متى كانا في برية أو بلد لا يجتمعان فيه لم يمكن التسليم في مكان العقد، ويتعين غيره، وليس أحد الأمكنة أولى من الآخر، وذلك يفضي إلى التنازع لجهالته، وأما إذا كانا في بلد يجتمعان فيه فإن اطلاق العقد يقتضي التسليم في بلده، ولأن في تعيين المكان غرضا ومصلحة لهما فالأشبه تعيين الزمان.
أقول: وفيه ما تقدم في القول الأول، ويزيد هنا بأن مبنى الاشكال الذي أوجب له القول بالتفصيل المذكور هو ما ذكروه من أن اطلاق العقد يقتضي وجوب التسليم في مكان العقد، وهذا مما لم نقف له على دليل من النصوص، لا بالعموم ولا الخصوص، بل الواجب مع حلول الدين هو الأداء في أي مكان كان، وسيأتي انشاء الله تعالى ما فيه مزيد ايضاح لما ذكرنا وبيان.
وخامسها أنه إن كان لحمله مؤنة أو لم يكن المحل صالحا كالقرية اشترط تعيينه وإلا فلا، وهو خيرة العلامة في التذكرة، ووجهه مركب من القولين السابقين عليه.
قال في المسالك بعد نقل الأقوال المذكورة (1): ولكل من الأقوال وجه، إلا أن الأخير يضعف السابقين عليه، ويبقى الاشكال في ترجيح أحد الثلاثة، فأصالة البراءة وحمل الاطلاق في نظائره على موضع العقد يرجح الأول، واختلاف الأغراض وعدم الدليل الدال على تعيين موضع العقد في المتنازع يؤيد الثاني، ووجه الأخير ظاهر ولا ريب أن التعيين مطلقا أولى، وأنا في ترجيح أحدهما من