والاحتياط فتأمل انتهى.
وليت شعري كيف ذهب عليه الوقوف على هذه الأخبار مع تعددها وروايتها في الأصول متكثر الطرق حتى ارتكب ما ارتكب من هذه التمحلات التي لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية وتجاوز ذلك إلى احتمال القول بتخصيص كل واحد قبل القسمة بحصة، ولم يمنعه منه إلا عدم وجود القائل، والكل كما عرفت نفخ في غير ضرام، كما لا يخفى على من وقف على ما نقلناه من أخبارهم عليهم السلام.
وقال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك: والحيلة في تصحيح ذلك أن يحيل كل منهما صاحبه بحصته التي يريد اعطائها صاحبه، ويقبل الآخر بناء على صحة الحوالة ممن ليس في ذمته دين، فلو فرض سبق دين له عليه فلا اشكال في الصحة، ولو اصطلحا على ما في الذمم بعضها ببعض فقد قرب في الدروس صحته، وهو حسن بناء على أصالته انتهى.
أقول: ما ذكره من الحيلة في تصحيح ذلك بالحوالة فيه أن رواية أبي حمزة ورواية غياث ظاهرتان في عدم صحتها، وأنها لا تفيد فائدة، بل الواجب هو اقتسام ما خرج وما ذهب فهو على الجميع، ويمكن بناؤه على ما ذكره من عدم صحة الحوالة ممن ليس في ذمته دين، فيكون الخبران المذكوران حجة لذلك، وأما ما ذكره من الصلح فالظاهر صحته لعموم أدلة الصلح.
ويؤيده ما رواه في الكافي عن محمد بن مسلم (1) في الصحيح أو الحسن عن أحدهما عليهما السلام " أنه قال في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه ولا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه، فقال كل واحد منهما: لك ما عندك ولي ما عندي قال: لا بأس إذا تراضيا، وطابت أنفسهما ".
ومن هذه الرواية وأمثالها يظهر أن الصلح عقد برأسه، لا متفرع على البيع كما أشار إليه، لعدم صحة البيع في الصورة المذكورة، والرواية المذكورة وإن لم تكن من محل البحث، إلا أن صحة الصلح على هذه الكيفية مستلزمة للصحة