في الحرم وهو ملئ بماله موسر بدينه، فله مطالبته وملازمته، وقول ابن بابويه إلا أن يكون أعطيته حقك في الحرم فلك أن تطالبه في الحرم يلوح ما ذكرناه، و لو كان ما روى صحيحا لورد ورود أمثاله متواترا، والصحابة والتابعون والمسلمون في جميع الأمصار يتحاكمون إلى الحكام في الحرم، ويطالبون الغرماء بالديون، ويحبس الحاكم على الامتناع من الأداء إلى عصرنا هذا من غير تناكر منهم في ذلك، والانسان مسلط على أخذ ماله، والمطالبة عقلا وشرعا.
وقال العلامة في المختلف: والأقرب عندي كراهة ذلك على تقدير الإدانة خارج الحرم، دون التحريم، عملا بالأصل والإباحة مطلقا على تقدير الإدانة في الحرم، وبما ذهب إليه الشيخ في النهاية من التحريم صرح ابن إدريس وأبو الصلاح، إلا أنهما أضافا إلى الحرم مسجد النبي صلى الله عليه وآله ومشاهد الأئمة عليهم السلام.
أقول: أما ما ذهب إليه الشيخ من التحريم في الحرم فيدل عليه موثق سماعة (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: سألته عن رجل لي عليه مال فغاب عن زمانا فرأيته يطوف حول الكعبة، فأتقاضاه؟ قال: فقال: لا تسلم عليه ولا تروعه حتى يخرج من الحرم " وظاهر العلامة الاستدلال بهذه الرواية على الكراهة كما اختاره.
وفيه أن النهي حقيقة في التحريم كما صرح به هو وغيره في الأصول، والحمل على خلافه يحتاج إلى قرينة، وأما ما نقل عن الشيخ علي بن بابويه فهو مأخوذ من كتاب الفقه الرضوي على النهج الذي كررنا ذكره في كتب العبادات حيث إنه قال (عليه السلام) " إن كان لك على رجل حق فوجدته بمكة أو في الحرم فلا تطالبه، ولا تسلم عليه فتفزعه، إلا أن تكون أعطيته حقك في الحرم، فلا بأس أن تطالبه في الحرم ".
وهي عين عبارة الشيخ المذكور، كما قدمنا ذكره في جملة من المواضع، سيما في كتب العبادات في افتاء الشيخ المذكور في رسالة إلى ابنه بعبارات الكتاب،