وللعلامة في المختلف هنا مع ابن إدريس كلام قد بسط فيه لسان الطعن علي ابن إدريس والتشنيع لنسبته إلى التجهيل مع التأويل للخبرين المذكورين لا بأس بنقله في المقام، وإن طال به زمام الكلام، لما فيه من الفوائد الظاهرة لذوي الأفهام قال (قدس سره) في الكتاب المذكور: لو باع الدين بأقل مما له على المديون، قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشتري من المال، وتبعه ابن البراج على ذلك، وقال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، وهو أنه إذا كان الداين، ذهبا كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه، وإن كان فضة كيف يجوز بيعه بفضة أقل منه، أو إن كان ذهبا فباعه بفضة، أو فضة فباعه بذهب، كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع إلا بعد أن يتقابضا الثمن والمثمن، يقبض البايع الثمن، والمشتري المثمن، فإن هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا، بل لا خلاف فيه بين المسلمين، قوله لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشتري من المال إن كان البيع صحيحا لزم المدين تسليم ما عليه جميعه إلى المشتري، لأنه صار مالا من أمواله بالشراء وقد يشتري الانسان ما يساوي خمسين قنطارا بدينار واحد، إذا كان البايع من أهل الخبرة، وإنما هذه أخبار آحاد أوردها على ما وجدها ايرادا لا اعتقادا.
ثم قال العلامة: واعلم أن كلام الشيخ قد اشتمل على حكمين، الأول جواز بيع الدين بأقل منه. ولا ريب في جوازه، ونسبة ابن إدريس كلام الشيخ فيه إلى أنه طريف عجيب يضحك به الثكلى جهل منه، وقلة تأمل وسوء فهم، وعدم بصيرة وانتفاء التحصيل لكلام العلماء، وعدم معرفة بمدلول أقوالهم، فإن الشيخ لم يحصر هو ولا غيره من المحصلين الدين في النقود، بل يجوز أن يكون ذهبا أو فضة أو غيرهما من الأقمشة والأمتعة، ثم لم يحصروا بيع الدين بالنقود، ولا أوجبوا أن يكون الثمن من الذهب، أو الفضة حتى يتعجب من ذلك، ويظهر للعامة قلة ادراكه وعدم تحصيل وسوء أدبه ومواجهة مثل هذا الشيخ المعظم الذي هو رأس المذهب والمعلم له، والمستخرج للمعاني من كلام الأئمة (عليهم السلام)، بمثل هذه السفه