وما رواه في التهذيب عن هشام بن سالم (1) في الموثق " قال: سأل حفص الأعور أبا عبد الله عليه السلام، وأنا عنده جالس، فقال: أنه كان لأبي أجير كان يقوم في رحاه وله عندنا دراهم، وليس له وارث، فقل أبو عبد الله عليه السلام: تدفع إلى المساكين، ثم قال: رأيك فيها، ثم أعاد عليه المسألة فقال له: مثل ذلك فأعاد عليه المسألة ثالثة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: تطلب له وارثا، فإن وجدت له وارثا، وإلا فهو كسبيل مالك، ثم قال: ما عسى أن نصنع بها، ثم قال: توصي بها فإن جاء طالبها وإلا فهي كسبيل مالك ".
أقول: قوله " وليس له وارث " يعني باعتبار علمنا، وإلا فلو كان عدم الوارث معلوما كان من الأنفال، ولم يتجه الجواب هنا بما ذكره عليه السلام، ثم إن الخبر قد تضمن أولا جوابه عليه السلام بالدفع إلى المساكين، يعني الصدقة به كما دل عليه الخبران المتقدمان، فيكون مؤيدا لقول الشيخ ومن تبعه، ثم إنه بعد مراجعة السائل ثانيا أجابه بذلك أيضا، وبعد المراجعة ثالثا أجابه بأنه بعد طلب الوارث وعدم وجوده يكون كسبيل ماله.
والظاهر أن المراد بذلك الكناية عن جواز التصرف فيه، والتملك له بشرط الرد إن ظهر طالب، والوصية بذلك عند الموت، كما دل عليه هذا الخبر، وخبر خطاب الأعور المتقدم، حينئذ فيجب حمل الخبر على التخيير بين الأمرين المذكورين كما يجمع به بين الأخبار المتقدمة، فإن بعضا منها دل على الصدقة، وبعضا على أنه كسبيل ماله، وربما أشعر هذا الخبر بأن الأفضل هو الصدقة، وإن جاز التملك مع الضمان، حيث أنه عليه السلام، أما سوغ له الثاني بعد المراجعة ثلاثا، ولعل قصد السائل في هذه المراجعات مع أمره له بالصدقة أولا وثانيا هو أنه قد سمع جواز التملك مع الضمان وكان رغبته في ذلك فجوزه عليه السلام له أخيرا.
وما رواه في الفقيه في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن ابن جنيد عن هشام