والقول الردئ، وهل منع أحد من المسلمين بيع قفيز حنطة في الذمة يساوي دينارا بربع دينار، أو بيع الدينار الدين بربع القفيز، فإن أداه سوء فهمه وقلة تحصيله إلى اشتراط المساواة في الجنس باعتبار لفظة أقل كان ذلك غلطا ظاهرا، وجعل المال ما لا يدخل فيه الربا فيه، لظهور مثل هذه القواعد الممهدة والقوانين الموطدة من تحريم الربا، على أنه في باقي كلامه صرح بجواز ذلك حيث تعجب من عدم التزام المديون بجميع الدين، وسوغ بيع ما يساوي خمسين قنطارا بدينار، لكن هذا الرجل لقلة تحصيله لا يفهم وقوع التناقض في كلامه، وتعجبه بنفسه لا يبالي أين يذهب.
الحكم الثاني عدم إلزام المديون بأكثر مما وزنه المشتري والشيخ عول في ذلك على رواية محمد بن الفضيل، ثم ذكر الرواية كما قدمناه، ثم ذكر رواية أبي حمزة، ثم قال: ولا ريب في صحة البيع ولزومه ووجوب ايفاء المشتري ما على المديون.
ولا بد حينئذ من محمل للروايتين وليس بعيدا من الصواب أن يحملا على أحد الأمرين، الأول الضمان ويكون اطلاق البيع عليه والشراء بنوع من المجاز، إذ الضامن إذا أدى عن المضمون بإذنه عرضا عوضا عن الدين كان له المطالبة بالقيمة، وهو نوع من المعاوضة يشبه البيع، بل هي هو في الحقيقة، وإنما ينفصل عنه بمجرد اللفظ لا غير.
المحمل الثاني أن يكون البيع وقع فاسدا فإنه يجب على المديون دفع ما ساوى مال المشتري إليه بالإذن الصادر من صاحب الدين، ويبرئ من جميع ما بقي عليه من المشتري، لا من البايع، ويجب عليه دفع الباقي إلى البايع لبرائته من المشتري، وهذان المحملان قريبان، يمكن صرف الروايتين إليهما، وكلام الشيخ أيضا يحمل عليهما من غير أن ينسب الشيخ إلى ما نسبه ابن إدريس انتهى كلامه زيد مقامه.
ولا يخفى ما في كل من محمليه للخبرين التكلف والتعسف، الذي يقطع