من السؤال إنما هو أنه هل يؤاخذ لشغل الذمة على هذه الحال أم لا؟ فأخبره بأنه لا جناح عليه إذا علم الله سبحانه من نيته الأداء.
ومنها ما رواه المشايخ الثلاثة (نور الله تعالى مراقدهم) بأسانيدهم وفيها الصحيح عن معاوية بن وهب (1) " عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل كان له على رجل حق ففقده ولا يدري أين يطلبه، ولا يدري أحي هو أم ميت، لا يعرف له وارثا ولا نسبا ولا ولدا، قال: أطلب قال: إن ذلك قد طال، فأتصدق به؟ قال: أطلبه " قال: في الفقيه وقد روى في هذا خبر آخر " إن لم تجد له وارثا وعلم الله منك الجهد فتصدق به ".
أقول: ربما أشعر ظاهر هذا الخبر أيضا بوجوب الطلب دائما، ولو مع اليأس، وفيه ما عرفت آنفا، والواجب حمله على إمكان الوجود وعدم اليأس، أو الاستحباب والتخيير جمعا بينه وبين ما يأتي، ومنه المرسلة المذكورة، وهذا المرسلة ظاهرة فيما ذهب إلى الشيخ، ومن تبعه من وجوب الصدقة.
ومنها ما رواه في الكافي والتهذيب عن (نصر بن) حبيب (2) صاحب الخان " قال: كتبت إلى عبد صالح عليه السلام قال: قد وقعت عندي مائتا درهم (وأربعة دراهم)، وأنا صاحب فندق فمات صاحبها، لم أعرف له ورثة فرأيك في اعلامي حالها، وما أصنع بها فقد ضقت بها ذرعا؟ فكتب أعمل فيها وأخرجها صدقة قليلا قليلا حتى تخرج " قال في الإستبصار (3): " إنما له أن يتصدق بها إذا ضمن لصاحبها أو أنها للإمام، فأمره أن يتصدق عنه ".
أقول: الظاهر بعد الاحتمال الثاني، لأن عدم معرفته الورثة لا يدل على العدم، سيما أنه لم يطلب ولم يفحص، وكون ذلك للإمام مشروط بالعلم بدم الوارث كما لا يخفى، وبه يظهر أن هذا الخبر دليل على قول الشيخ ومن تبعه، وأن ما ذكره