فعند الشيخ لابد في الأول من شرائط البيع ويجري فيه جميع أحكامه من اشتراط الكيل والوزن والتقابض في المجلس إن كان صرفا وعدم الربا، وكذا في غيره.
ولعل الأول أقرب، لكونه غير البيع، فيصح، لكونه تجارة عن تراض، وعموم:
﴿أوفوا بالعقود﴾ (1) و: المؤمنون عند شروطهم (2) وقوله (صلى الله عليه وآله): الصلح جائز، وكونه فرعا لغيره يحتاج إلى دليل، وصحيحة محمد ومنصور السابقة، وعموم صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) وغير واحد عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يكون عليه الشيء فيصالح؟ فقال: إذا كان بطيبة نفس من صاحبه فلا بأس (3) وعموم صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة في الضمان وموثقته قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل ضمن على رجل ضمانا ثم صالح على بعض ما يصالح عليه؟ قال: ليس له إلا الذي صالح عليه (4).
ويصح الصلح مع الإقرار والإنكار، ولا أعرف فيه خلافا بينهم. والمراد بصحته مع الإنكار صحته بحسب الظاهر، وأما بحسب نفس الأمر فلا يستبيح كل منهما ما وصل إليه بالصلح مع إنكاره الحق، فإذا أنكر المدعى عليه الحق الثابت في ذمته وصولح على قدر بعض ما عليه لم يستبح المنكر ما بقي له من حق المدعى عينا أو دينا، ويدل عليه صحيحة عمر بن يزيد السابقة.
قال في المسالك: لو كان قد صالح عن العين بمال آخر - يعني منكر الحق - فهي بأجمعها في يده مغصوبة، ولا يستثنى له منها مقدار ما دفع، لعدم صحة المعاوضة في نفس الأمر، وكذا لو انعكس وكان المدعى مبطلا في نفس الأمر لم يستبح ما صولح به من عين ودين. قال: لأن هذا كله أكل مال بالباطل، وإنما صالح المحق المبطل دفعا لدعواه الكاذبة، وقد يكون استدفع بالصلح ضررا عن نفسه أو