مباحا أو مكروها فلا يترخص العاصي بسفره وهو من كان غاية سفره هي المعصية كتابع الجاير وقاطع الطريق والباغي والتاجر في المحرمات والساعي على ضرر بقوم من المسلمين بل المحترمين وإن كانوا كفارا ومنه العبد المسافر لأجل الإباق و الزوجة الخارجة لأجل النشوز أو كانت المعصية جزءا من الغاية كما لو قصد مع ما ذكر التجارة أو غيرها وقد عد الأصحاب من العاصي بسفره مطلق الآبق والناشز وتارك الجمعة بعد وجوبها ووقوف عرفة كذلك والفار من الزحف ومن سلك طريقا مخوفا يغلب معه ظن التلف على النفس أو على ماله المجحف وإدخال هذه الافراد يقتضى المنع من ترخص كل تارك للواجب بسفره لاشتراكهما في العلة الموجبة لعدم الترخص إذ الغاية مباحة فإنه المفروض وإنما عرض العصيان بسبب ترك الواجب فلا فرق حينئذ بين استلزام سفر التجارة ترك صلاة الجمعة ونحوها وبين استلزامه ترك غيرها كتعلم العلم الواجب عينا أو كفاية بل الامر في هذا الوجوب أقوى وهذا يقتضى عدم تحقق الترخص إلا لأوحدي الناس لكن الموجود من النصوص في ذلك لا يدل على إدخال هذا القسم ولا على مطلق العاصي وإنما دلت على السفر الذي غايته المعصية كرواية حماد بن عثمان عن الصادق عليه السلام الباغي والعادي ليس لهما أن يقصرا الصلاة ورواية زرارة في المتصيد لهوا وبطرا ورواية إسماعيل بن أبي زياد عنه عليه السلام سبعة لا يقصرون وعد منهم الرجل يريد بصيده لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل وفى رواية عمار بن مروان عنه عليه السلام عدم تقصير العاصي لله ولرسوله كطالب الشحناء والسعاية في ضرر على قوم من المسلمين وهذا الحديث وإن كان صدره يدل على مطلق المعصية لكن عجزه يخص ذلك بما كانت غايته المعصية كما في غيره وبالجملة فاللازم مما عده الأصحاب من عموم الافراد المنع لكل عاص بترك واجب بفوت بسبب السفر ومن جملته تارك التعلم لكن في إدخاله نظر لعدم دلالة النصوص على العموم واحترزنا بالعاصي بسفره عن العاصي فيه كما لو كان يشرب الخمر في طريق سفر غايته الطاعة ويزني فإنه باق على الرخصة ولو رجع العاصي عن نيته في أثناء السفر اعتبرت المسافة حينئذ فإن قصر الباقي منه بقي على التمام ولو انعكس الفرض انقطع ترخصه حين النية ولو عاد إلى الطاعة ففي اشتراط كون الباقي مسافة في العود إلى القصر أو البناء على ما سبق وجهان من بطلان الماضي بتوسط نية المعصية ومن إن المانع كان هو المعصية وقد زالت وهو الذي اختاره في الذكرى وينبغي أن يكون ذلك مع بلوغ ما مضى من سفر الطاعة وما بقي مسافة أما لو لم يتم إلا بالجزء الذاهب في المعصية أشكل الفرق بينه وبين الراجع إلى الطاعة بعد إن كان قد سافر إلى المعصية ابتداء وقد وافق فيها على اشتراط كون الباقي مسافة وهذا هو الظاهر من التذكرة مع استشكاله الحكم فيها ويقرب من ذلك ما لو رجع عن السفر في أثناء المسافة ثم عاد إليه ولا يبلغ باقيه مسافة وقد قرب الشهيد في البيان العود إلى القصر اكتفاء بالتلفيق مما مضى والحكم فيه أشكل مما هنا أما لو فرض عدوله في أثناء المسافة إلى غير المقصد ورجوعه عنه اتجه الضم بناء على ما تقدم من أن الاعتبار بقصد المسافة النوعية لا الشخصية وهي حاصلة هنا مع احتمال التمام لبطلان القصد الأول وعدم بلوغ المقصد الثاني وكيف كان فهو أولى بالقصر من الأولين والصائد لللهو عاص كما مر بخلاف الصائد لقوته وقوت عياله فإنه يقصر الصلاة والصوم إجماعا والصائد للتجارة يقصر في صلاته وصومه على رأى لوجود المقتضى وهو السفر إلى المسافة مع كونه غير معصية وانتفاء المانع إذ ليس إلا قصد التجارة وهو أمر سائغ كالسفر للتجارة في غير الصيد فإنه غير مانع إجماعا ولعموم الآية والاخبار ونبه بالرأي على خلاف جماعة من الأصحاب منهم الشيخان حيث أوجبا إتمام الصلاة بل ادعى عليه ابن إدريس الاجماع مستندين في ذلك إلى أخبار ضعيفة مع عدم دلالتها على المطلوب صريحا وقد روى معاوية بن وهب في الصحيح عن الصادق عليه السلام هما واحد إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت حكم عليه باتحاد الحكم فيهما وفى إذا معنى الشرط
(٣٨٨)