للقاعدة المعروفة من الحكم إلا أن الطريق إلى إثباتها بسبب الأحاديث المعتبرة سهل ولعل موجب الخروج عن حكم الاتمام هنا لزيادة المشقة بكثرة السير وخروجه عن العادة وعلى هذا التنزيل الحكم مختص بمن ذكر في الاخبار وهو الجمال و المكاري وقوفا فيما خالف الأصل على المتيقن مع احتمال العموم لوجود المقتضى وعلى ما احتملناه من التنزيل يسقط الاستدلال وإذا تحققت الكثرة لاحد هؤلاء استمر حكمها ما لم يقم في بلده عشرة أيام تامة سواء كانت بنية الإقامة أم لا أو في غير بلده مع النية فإن أقام أحدهم عشرة كذلك قصر وإلا أتم على المشهور بين الأصحاب وقد روى ذلك في المكاري عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام ومن ثم احتمل المحقق اختصاص الحكم بالمكاري وجعل الباقين مع تحقق الكثرة على التمام وإن أقاموا عشرة والمشهور التعميم إن لم يكن موضع وفاق فإن المحقق ذكر ذلك بطريق الاحتمال وهل يشترط في إقامة العشرة التتالي أكثر الأصحاب على الاطلاق والظاهر أنه في إقامة بلده غير شرط لصدق اسم العشرة وأصالة البراءة فيلفق ما وقع منها في البلد نعم يشترط عدم تخلل المسافة إجماعا وقد صرح بهذا التفصيل جماعة منهم الشهيد رحمه الله وأما العشرة التي في غير بلده فيحتمل كونها كذلك لما ذكرناه من العلة ولما سيأتي من إن الخروج بعد الصلاة تماما إلى ما دون المسافة لا يؤثر في القصر بل يبقى على التمام فهو حينئذ كبلده نعم يأتي على ما يختاره المصنف من أن الخارج حينئذ يقصر ما لم يكن في نيته إقامة عشرة مستأنفة عدم التلفيق لان ذلك كالخروج إلى المسافة لتخلل ما يقطع الإقامة فيكون حكمه السفر إلى المسافة في انقطاع حكم السابق عليه إذا لم تكن عشرة وسيأتي بيان إن مطلق الخروج مع نية إقامة العشرة غير قاطع لحكم الإقامة فيضعف دليل عدم التلفيق لكني لم أقف على مفت به من الأصحاب نعم نقله بعضهم عن المحقق الشيخ على رحمه الله وهو متوجه وحيث اشترط في إقامة العشرة في غير بلده نيتها لم يؤثر وقوعها بنية مترددة وهو موضع وفاق لكن لو تردد كذلك ثلثين يوما هل تكون بحكم العشرة المنوية أم لا الذي صرح بن ابن فهد في المهذب بل جعله المشهور وقواه المحقق الشيخ على الأول وقطع الشهيد في الدروس باشتراط إقامة عشرة بعد الثلثين وتبعه عليه في الموجز ولم أقف لغيرهم من ذلك على كلام نفى ولا إثبات وإن كان الظاهر منهم عدم الاكتفاء بالتردد ثلثين والصحيح في ذلك ما اختاره الشهيد رحمه الله لأصالة البقاء على حكم التمام حتى يتحقق المزيل عنه ويوضح ذلك ما قد عرفته من أن السفر الموجب للتقصير ينقطع بمجرد الوصول إلى بلد المسافر ونيته إقامة عشرة في غير بلده وسيأتي أنه ينقطع أيضا بمضي ثلثين يوما مترددا فيها وهذه الثلاثة موضع وفاق ويعلم منها أن الثلثين المتردد فيها في غير البلد بحكم نية الإقامة عشرا فيه وقد عرفت أيضا إن كثرة السفر إنما تنقطع بإقامة عشرة في بلده أو في غير بلده مع النية وأنه لا تكفى نية الإقامة بدون الإقامة بل لا ينقطع حكم الكثرة إلا بتمام العشرة وعرفت أيضا إن التردد ثلثين يوما في حكم نية إقامة العشرة لا في حكم إقامتها فيفتقر بعدها إلى إقامة عشرة كما يفتقر إليها بعد نية الإقامة عشرة وهذا واضح ووجه الاكتفاء بالثلثين صدق اسم العشرة وزيادة إذ ليس في الخبر التصريح بكونها منوية وإنما لم يكتف بالعشرة المترددة لا غير للاجماع على عدم اعتبار الشارع لها بل إنما علم منه اعتبار الثلثين مع التردد فيختص الحكم بها ولأن مضى الثلثين إذا كان شرطا في قطع حكم السفر وهو أضعف من حكم كثرة السفر لما قد عرفته فلان يكون مجموع الثلثين شرطا في قطع الكثرة ولا يكفي ما دونها أولى وجوابه يعلم مما قررناه فإن مضى الثلثين كذلك بحكم نية الإقامة عشرا في غير البلد وهي غير كافية في قطع كثرة السفر إجماعا فكذا يجب لما هو بحكمها وإنما اقتضى كونها بحكم النية الاكتفاء بعشرة أخرى بعدها وإلا كان من المحتمل أن يقال إن التردد لا يقطع كثرة السفر وإن طال لعدم النص وأصالة
(٣٩١)