ويضعف بأن المقصد معلوم وإنما المجهول قدره فإذا علم في الأثناء كشف عن كونه قد قصد المسافة ابتداء فيثبت القصر حينئذ مع بلوغ الجميع وإن قصر الباقي عن مسافة وهو أقوى ومثله ما لو سافر الصبي إلى مسافة فبلغ في أثنائها أما المجنون فإن تحقق منه قصد كان كذلك وإلا فلا ولو تعارضت عنده البينتان في بلوغ المسافة وعدمها ففي ترجيح أيهما وجهان أحدهما تقديم بينة النفي لموافقتها للأصل من عدم البلوغ وبقاء الصلاة على التمام والاخر تقديم بينة الاثبات لان شهادة النفي غير مسموعة ولجواز بناء النافية على الأصل بخلاف المثبتة فإن طريقها لا يكون إلا بالاعتبار الموجب له بأحد وجوهه وهذا يتم مع اطلاق البينتين أما لو كان النفي متضمنا للاثبات كدعوى الاعتبار وتبين القصور انتفى الوجهان الموجبان لترجيح الاثبات وتحقق التعارض ولكن أطلق المصنف تقديم بينة الاثبات و كذلك الشهيد رحمه الله ويمكن تنزيله على الاطلاق كما يظهر من تعليلهم إما مع تحقق التعارض كما مثلناه فيمكن القول بإطراحهما والرجوع إلى الأصل وهو التمام أو مراعاة الاحتياط لاستحالة الترجيح من غير مرجح ولو تعارض البينة والشياع فإن أفاد الشياع العلم قدم وإن تاخمه خاصة ففي ترجيحه احتمال ويمكن مساواتهما للبينتين أما خبر الواحد فإنهما مقدمان عليه ولو قلنا بجواز العمل به هذا كله بالنسبة إلى الخارج عن البينتين أما نفس البينتين فلكل حكم ما تعتقده فيقصر المثبت ويتم النافي وفى جواز اقتداء أحدهما بالآخر وجهان من حكم كل منهما بخطأ الاخر ظاهرا ومن إمكان بنائهما على وجه لا يتحقق معه الخطأ ورجح الشهيد في الذكرى جواز الاقتداء وهو قوى الشرط ب القصد إليها أي إلى المسافة بأن يربط قصده بمقصد يعلم بلوغه المسافة وإنما اعتبر ذلك لان الشرط لما كانت المسافة وهي لا تتحقق إلا بقصدها أو بلوغها اعتبر في الحكم بالانتقال عن حكم الأصل في العبادة أحد الامرين إما قصدها أو الوصول إليها فالهائم وهو الذي لا يدرى أين يتوجه وليس له مقصد خاص يبلغ المسافة وطالب الآبق الذي في نفسه العود متى وجده لا يقصران وإن زاد سفرهما على مسافة لفقد الشرط ومثلهما مستقبل المسافر إذا جوز الظفر به قيل المسافة وقد روى صفوان عن الرضا عليه السلام عن الرجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان قال لا يقصر ولا يفطر لأنه لم يرد السفر ثمانية فراسخ وإنما خرج ليلتحق بأخيه فتمادى به السير والظاهر أن المعتبر قصد المسافة وإن لم تكن شخصية فلو نوى السفر إلى أحد البلدين أو البلدان كفى كما لو قصد بلدا معينا على رأس مسافة وشك أو تردد في الزيادة عليها لكن يشترط في القصد المشترك اتحاد أصل الطريق الخارجة من بلده ليتحقق الخروج إلى المسافة ويتفرع على ذلك ما لو قصد مسافة معينة فسلك بعضها ثم رجع إلى قصد موضع آخر بحيث تكون نهايته مع ما مضى مسافة فإنه يبقى على القصر لصدق السفر إلى المسافة المقصودة في الجملة وإن تغير شخصها مع احتمال زوال الترخص أن يرجع لبطلان المسافة الأولى بالرجوع عنها وعدم بلوغ المقصد الثاني مسافة ولا فرق في اشتراط قصد المسافة بين التابع والمتبوع فالزوجة والعبد والوالد إن عرفوا مقصد الزوج والسيد والوالد وقصدوه ترخصوا وإلا فلا ولو جوزت الزوجة الطلاق والعبد العتق وعزما على الرجوع متى حصلا فلا ترخص عند المصنف مطلقا وقيده الشهيد بحصول أمارة لذلك ولا بنيا على بقاء الاستيلاء وعدم دفعه بالاحتمال البعيد وهو حسن ويقرب منهم الأسير في أيدي المشركين والمأخوذ ظلما فإنهما متى علما مقصد المتبوع وقصداه ولو بغلبة الظن على بقاء الاستيلاء قصرا مع بلوغ المسافة وإن جهلا مقصدهم أو احتملا الخلاص احتمالا قريبا أتما وطالب الآبق ومتلقى المسافر إلى بلد معين إن علما البلوغ إليه فظاهر ولو غلب على ظنهما ذلك أو احتملا
(٣٨٥)